المرأة قبل حقوق الشعوب ذاتها؟ أليس تناقضا فاضحا الحديث عن حقوق المرأة السياسية في دول لم تحصل الشعوب فيها بعد على حقها في اختيار حكوماتها ولا يوجد فيها حرية حقيقية ولا تعددية ولا أحزاب سياسية؟! ما هو السر وراء كل هذا الاهتمام الأمريكي بالمرأة في الخليج إلى حد الضغط على حكومات المنطقة لتبدأ الإصلاح السياسي بها، وعدم الاكتراث في المقابل بالأساس الأول للنظام الديمقراطي وهو حق الشعوب في اختيار حكوماتها؟! هذه الأسئلة وجهناها للمستشار السياسي للسفير الأمريكي في زيارته لنا بتاريخ 31/ 12/ 2002 مع تأكيدنا له بأننا نرفض مبدأ التدخل في شؤوننا الداخلية وأننا نفضل تحقيق تطلعاتنا بجهدنا الذاتي ولو بعد عشر سنين على أن تتحقق بعد سنة بضغط خارجي فحار جوابا ثم قال: أرأيتم هذه الطاولة التي بين يدي وهذه الأكواب التي عليها إذا لم أستطع قلبها ماذا أفعل؟ ثم قال: بالطبع يمكن إعادة ترتيب الأكواب من جديد إذا لم نتمكن من قلب الطاولة بشكل كامل؟!
ولم يقنعنا جواب المستشار الأمريكي، لأننا أصلا لم نكن نجهل الإجابة عن ذلك السؤال بل ندرك أبعاد وأهداف كل هذا الاهتمام بالمرأة التي هي المدخل الطبيعي للتغيير الثقافي لفتح المنطقة على مصراعيها أمام الثقافة الغربية وقيمها الأخلاقية في مجتمعات محافظة لا تعاني المرأة فيها من مشكلة بقدر معاناة الشعوب نفسها من الاستبداد السياسي ومصادرة حقوقها وحرياتها السياسية مع كون حكوماتها حليفة منذ نصف قرن للولايات المتحدة التي اكتشفت فجأة أن الإصلاح السياسي في الخليج يبدأ بالمرأة لا بالشعوب؟!
بالطبع لا يمكن تصديق أمريكا بأنه يهمها موضوع الديمقراطية والحريات السياسية في المنطقة إلا إذا صدقنا أنها جاءت بجيوشها وأساطيلها من أجل تحرير الشعب العراقي لا من أجل احتلاله والسيطرة على ثرواته!!
هدف أمريكا الحقيقي من احتلال العراق:
لقد اكتشفت أمريكا أن العالم لن يصدق أن الهدف من الحرب على العراق هو إقامة نظام ديمقراطي ومن أجل تداول للسلطة سلمي، في الوقت الذي ما تزال حكومات المنطقة الحليفة لها تحكم شعوبها بشكل استبدادي فلا صحافة حرة ولا أحزاب معارضة ولا