فإذا تواطأ واتفق الرأي بين أهل الرأي، أو تواطأت الرؤى بين أهل الصدق، أو تواطأت الرواية بين أهل العدالة، أفادت العلم واليقين!
فكيف إذا توافقت وتطابقت هذه المصادر الاستشرافية الثلاث كلها!
وقد رأى ملك مصر - كما في سورة يوسف - رؤيا استشرف بها يوسف عليه السلام المستقبل إحدى وعشرين سنة ووضع بناء عليها خطة استراتيجية أنقذت شعب مصر من المجاعة!
وقد حدثنا الشيخ حسن الأرتيري - حفظه الله وفك أسره - قبل الثورة العربية بأشهر أنه رأى رؤيا قبل سبع سنين أو يزيد - وهو وقت صدور كتاب الحرية أو الطوفان- بأنه عم أرض العرب طوفان حتى بلغ رؤوس الجبال، فلما انحسر الماء فإذا الناس يخرجون أحياء لم يغرقهم الطوفان، ورأى بأن الموتى يبعثون من قبورهم أحياء من جديد!
وأخبرنا الشيخ محمد القرشي حفظه الله في الحج الماضي 1431هـ ونحن بمكة برؤيا طويلة وفيها تقريبا تفاصيل مشهد الثورة العربية قبل حدوثها بستة أشهر!
فسأل عنها من يعبرها فقال له: سيحدث بعد الحج للأمة فتح عظيم لا يخطر لكم على بال!
وقد كان ما قال!
فلما تواترت الرؤى بين الصالحين، وتوافق الرأي بين المفكرين، وصحت الرواية عند المحدثين، علمت علما لا شك فيه أن الثورة قد قرب فجرها!
واعلم أنه لا يفهم هذه اللغة إلا أهلها وفوق كل ذي علم عليم!
أما الماديون الذي حبستهم ماديتهم عن عالم الروح وأسراره فلا سبيل لهم إلى فهم مثل هذه العلوم والمعارف حتى يعلموا بأن وراء علمهم المادي علوما أعمق وأدق وأوسع لا يحيط بها إلا الله وحده {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء:85]!
وقد كنا في مؤتمر سياسي في اسطنبول قبل الثورة بأشهر، وفينا أساتذة عرب من كل التخصصات، وبعضهم منهم ممن درس في أوربا وما يزال يعيش فيها، فلما سمعوا تلك الأحاديث على هامش المؤتمر، وسمعوا بتلك التحليلات الغيبية والرؤى وتأويلها لم