وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة:278] {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة:279] وَهَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الطَّائِفِ، وَكَانُوا قَدْ أَسْلَمُوا وَصَلَّوْا وَصَامُوا، لَكِنْ كَانُوا يَتَعَامَلُونَ بِالرِّبَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ وَأَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ فِيهَا بِتَرْكِ مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا، وَقَالَ: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة:279] وَقَدْ قُرِئَ {فَأُذِنُوا} وَ {آذَنُوا} وَكِلَا الْمَعْنَيَيْنِ صَحِيحٌ، وَالرِّبَا آخِرُ الْمُحَرَّمَاتِ فِي الْقُرْآنِ، وَهُوَ مَا يُوجَدُ بِتَرَاضِي الْمُتَعَامِلِينَ، فَإِذَا كَانَ مَنْ لَمْ يَنْتَهِ عَنْهُ مُحَارِبًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ فَكَيْفَ بِمَنْ لَمْ يَنْتَهِ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ الَّتِي هِيَ أَسْبَقُ تَحْرِيمًا وَأَعْظَمُ تَحْرِيمًا. " (?)
وقال أيضاً:" وَيجوز بل يجب قتال هَؤُلَاءِ التتار الَّذين يقدمُونَ إِلَى الشَّام مرّة بعد مرّة وَإِن تكلمُوا بِالشَّهَادَتَيْنِ وانتسبوا إِلَى الْإِسْلَام وَجب قِتَالهمْ بِسنة رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - واتفاق أَئِمَّة الْمُسلمين وَهَذَا مبْنى على أصلين
أَحدهمَا الْمعرفَة بحالهم وَالثَّانِي معرفَة حكم الله فيهم وَفِي أمثالهم
أما الأول فَكل من بَاشر الْقَوْم يعلم حَالهم وَهُوَ متواتر بأخبار الصَّادِقين وَنحن نتكلم على جملَة أُمُورهم بعد أَن تبين الأَصْل الآخر الَّذِي يخْتَص بمعرفته أهل الْعلم فَنَقُول
كل طَائِفَة خرجت عَن شرائع الْإِسْلَام الظَّاهِرَة المتواترة مثل أَن تركُوا الصَّلَاة أَو منعُوا الزَّكَاة أَو أعْلنُوا بالبدع المناقضة للاسلام فِي العقائد أَو الْعِبَادَات أَو تحاكموا إِلَى الطاغوت وَنَحْو ذَلِك فَالْوَاجِب على الْمُسلمين قِتَالهمْ بِاتِّفَاق أَئِمَّة الْمُسلمين وَإِن تكلمُوا بِالشَّهَادَتَيْنِ فَيجب قِتَالهمْ على نَحْو مَا فعل أَبُو بكر وَالصَّحَابَة بِأَهْل الرِّدَّة وبالخوارج حَتَّى يكون الدّين كُله لله " (?)
حتى قال شيخ الإسلام لمن معه إن رأيتموني في صفهم فاقتلوني! (?) تأكيدا منه رحمه الله أن قتال التتار لا شبهة فيه البتة، وأن رجوعه عن رأيه فيما لو رجع لا يغير من حكم الله ورسوله شيئا في وجوب جهادهم، بل الواجب على المسلمين حينئذ لو رجع شيخ الإسلام