بِغَيْرِ حَقٍّ، أَوْ الرِّبَا، أَوْ الْمَيْسِرِ، أَوْ الْجِهَادِ لِلْكُفَّارِ، أَوْ عَنْ ضَرْبِهِمْ الْجِزْيَةَ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُمْ يُقَاتَلُونَ عَلَيْهَا حَتَّى يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ (?).
وقال أيضاً:"الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، نَعَمْ يَجِبُ قِتَالُ هَؤُلَاءِ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، وَاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: الْمَعْرِفَةُ بِحَالِهِمْ. وَالثَّانِي: مَعْرِفَةُ حُكْمِ اللَّهِ فِي مِثْلِهِمْ. فَأَمَّا الْأَوَّلُ: فَكُلُّ مَنْ بَاشَرَ الْقَوْمَ بِعِلْمِ حَالِهِمْ، وَمَنْ لَمْ يُبَاشِرْهُمْ يَعْلَمُ ذَلِكَ بِمَا بَلَغَهُ مِنْ الْأَخْبَارِ الْمُتَوَاتِرَةِ، وَأَخْبَارِ الصَّادِقِينَ، وَنَحْنُ نَذْكُرُ جُلَّ أُمُورِهِمْ بَعْدَ أَنْ نُبَيِّنَ الْأَصْلَ الْآخَرَ الَّذِي يَخْتَصُّ بِمَعْرِفَتِهِ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ فَنَقُولُ: كُلُّ طَائِفَةٍ خَرَجَتْ عَنْ شَرِيعَةٍ مِنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ الظَّاهِرَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ قِتَالُهَا بِاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ تَكَلَّمَتْ بِالشَّهَادَتَيْنِ، فَإِذَا أَقَرُّوا بِالشَّهَادَتَيْنِ وَامْتَنَعُوا عَنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَجَبَ قِتَالُهُمْ حَتَّى يُصَلُّوا، وَإِنْ امْتَنَعُوا عَنْ الزَّكَاةِ، وَجَبَ قِتَالُهُمْ حَتَّى يُؤَدُّوا الزَّكَاةَ، وَكَذَلِكَ إنْ امْتَنَعُوا عَنْ صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ، أَوْ حَجِّ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ، وَكَذَلِكَ إنْ امْتَنَعُوا عَنْ تَحْرِيمِ الْفَوَاحِشِ، أَوْ الزِّنَا، أَوْ الْمَيْسِرِ، أَوْ الْخَمْرِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مُحَرَّمَاتِ الشَّرِيعَةِ وَكَذَلِكَ إنْ امْتَنَعُوا عَنْ الْحُكْمِ فِي الدِّمَاءِ، وَالْأَمْوَالِ وَالْأَعْرَاضِ، وَالْأَبْضَاعِ، وَنَحْوِهَا بِحُكْمِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَكَذَلِكَ إنْ امْتَنَعُوا عَنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَجِهَادِ الْكُفَّارِ إلَى أَنْ يُسْلِمُوا وَيُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ.
وَكَذَلِكَ إنْ أَظْهَرُوا الْبِدَعَ الْمُخَالِفَةَ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَاتِّبَاعِ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا مِثْلُ: أَنْ يُظْهِرُوا الْإِلْحَادَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَآيَاتِهِ، أَوْ التَّكْذِيبَ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ، أَوْ التَّكْذِيبَ بِقَدَرِهِ وَقَضَائِهِ أَوْ التَّكْذِيبَ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى عَهْدِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، أَوْ الطَّعْنَ فِي السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَاَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ أَوْ مُقَاتَلَةِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَدْخُلُوا فِي طَاعَتِهِمْ الَّتِي تُوجِبُ الْخُرُوجَ عَنْ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ وَأَمْثَالِ هَذِهِ الْأُمُورِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال:39] فَإِذَا كَانَ بَعْضُ الدِّينِ لِلَّهِ وَبَعْضُهُ لِغَيْرِ اللَّهِ وَجَبَ الْقِتَالُ حَتَّى يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ.