وعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ: «إِنَّ أَخًا لَكُمْ قَدْ مَاتَ، فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَيْهِ» يَعْنِي النَّجَاشِيَ (?)

إلا إن الحبشة لم تصبح دار إسلام بذلك، إذ الشوكة فيها والكلمة للنصارى لا للمسلمين، ولم يؤثر في هذا الحكم كون الملك أسلم سرا.

القسم الثالث: دار إسلام؛ وهي المدينة النبوية التي وجبت الهجرة إليها، وإنما صارت دار إسلام لظهور شوكة المسلمين وظهور كلمتهم فيها، وإقامة شعائر الإسلام وشرائعه عليها.

وهذا حكم الدور ابتداء، أما الدار التي كانت دار إسلام ثم احتلها العدو الكافر، فإن بسط عليها سلطانه، ورضي بذلك أهلها، واستقر له بها الأمر، فهذه دار كفر كالأندلس، والهند في هذا العصر، وكالجمهوريات الإسلامية الروسية التي كانت تحت حكم الروس بالأمس، فلما تحررت من قبضتهم عاد لها حكم دار الإسلام.

وإن لم يستقر للعدو الكافر بها الأمر، ولم يرض أهلها به، بل دافعوه، واستمروا على حربه، وجهاده، ودفعه، فهي أرض جهاد، ورباط، وثغر من ثغور المسلمين.

ولا تظل دار إسلام بظهور العدو عليها، وإن كان أكثر أهلها مسلمين، إذ العبرة بالشوكة والظهور، والكلمة.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه عن " بَلَدِ " مَارِدِينَ " هَلْ هِيَ بَلَدُ حَرْبٍ أَمْ بَلَدُ سِلْمٍ؟ وَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ الْمُقِيمِ بِهَا الْهِجْرَةُ إلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ أَمْ لَا؟ وَإِذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْهِجْرَةُ وَلَمْ يُهَاجِرْ وَسَاعَدَ أَعْدَاءَ الْمُسْلِمِينَ بِنَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ، هَلْ يَأْثَمُ فِي ذَلِكَ، وَهَلْ يَأْثَمُ مَنْ رَمَاهُ بِالنِّفَاقِ وَسَبَّهُ بِهِ أَمْ لَا؟

الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ دِمَاءُ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالُهُمْ مُحَرَّمَةٌ حَيْثُ كَانُوا فِي مَارِدِينَ أَوْ غَيْرِهَا، وَإِعَانَةُ الْخَارِجِينَ عَنْ شَرِيعَةِ دِينِ الْإِسْلَامِ مُحَرَّمَةٌ، سَوَاءٌ كَانُوا أَهْلَ مَارِدِينَ أَوْ غَيْرَهُمْ، وَالْمُقِيمُ بِهَا إنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ إقَامَةِ دِينِهِ وَجَبَتْ الْهِجْرَةُ عَلَيْهِ، وَإِلَّا اُسْتُحِبَّتْ وَلَمْ تَجِبْ وَمُسَاعَدَتُهُمْ لِعَدُوِّ الْمُسْلِمِينَ بِالْأَنْفُسِ وَالْأَمْوَالِ، مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ، وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الِامْتِنَاعُ مِنْ ذَلِكَ بِأَيِّ طَرِيقٍ أَمْكَنَهُمْ مِنْ تَغَيُّبٍ، أَوْ تَعْرِيضٍ، أَوْ مُصَانَعَةٍ، فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ إلَّا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015