رويت في ترك القتال في الفتن وفي الخروج على الأئمة، وليس هذا من ذلك في شيء، إنما جاء هذا في قتال اللصوص وقطاع الطريق، وأهل البغي والساعين في الأرض بالفساد ومن دخل في معناهم من أهل العيث والافساد." (?)

وكما ثبت في الصحيحين بل ما تواتر في كتاب فريضة الزكاة الذي كتبه النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل وفاته، فعن ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ، أَنَّ أَنَسًا، حَدَّثَهُ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَتَبَ لَهُ هَذَا الكِتَابَ لَمَّا وَجَّهَهُ إِلَى البَحْرَيْنِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى المُسْلِمِينَ، وَالَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ، «فَمَنْ سُئِلَهَا مِنَ المُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا، فَلْيُعْطِهَا وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلاَ يُعْطِ ... " (?)

قال ابن حجر: قَوله:"ومَن سُئِلَ فَوقَها فَلا يُعطِ"؛أَي: مَن سُئِلَ زائِدًا عَلَى ذَلِكَ فِي سِنٍّ أَو عَدَد فَلَهُ المَنعُ. ونَقَلَ الرّافِعِيّ الاتِّفاق عَلَى تَرجِيحِهِ. وقِيلَ مَعناهُ فَليُمنَع السّاعِي وليَتَولَّ هُو إِخراجَهُ بِنَفسِهِ أَو بِساعٍ آخَرَ فَإِنَّ السّاعِيَ الَّذِي طَلَبَ الزِّيادَة يَكُونُ بِذَلِكَ مُتَعَدِّيًا وشَرطُهُ أَن يَكُونَ أَمِينًا، لَكِنَّ مَحِلّ هَذا إِذا طَلَبَ الزِّيادَةَ بِغَيرِ تَأوِيل. (?)

فليس للسلطة أخذ أموال الناس بالباطل ولو كانت جباية الزكاة، وليس لها حبسهم واعتقالهم ظلما، وليس لها انتهاك حرماتهم، فإن فعلت فجائز لهم دفعها عن ذلك والامتناع عن طاعتها ومقاومتها.

قال الإمام ابن حزم بعد أن ذكر حديث عبد الله بن عمرو وقصته، وحديث أبي بكر في الزكاة: فَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْمُرُ مَنْ سُئِلَ مَالَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ أَنْ لَا يُعْطِيَهُ، وَأَمَرَ أَنْ يُقَاتِلَ دُونَهُ فَيَقْتُلُ مُصِيبًا سَدِيدًا، أَوْ يُقْتَلُ بَرِيئًا شَهِيدًا، وَلَمْ يَخُصَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَالًا مِنْ مَالٍ. وَهَذَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَعَبْدُ اللَّهُ بْنُ عَمْرٍو - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يَرَيَانِ السُّلْطَانَ فِي ذَلِكَ وَغَيْرَ السُّلْطَانِ سَوَاءً - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015