فهذه بعض الأدلة القطعية في ثبوتها ودلالاتها تؤكد أن للإنسان الحق أن يقاتل دون دنياه سواء كان مالا أو أرضا أو نفسا أو أهلا، وهذا من العدل والقسط الذي جاء به الإسلام، كما قال تعالى: {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ} [الأعراف:29]،وقال: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد:25] ..

ولا فرق في هذا الحق بين مسلم وغير مسلم، وصالح وغير صالح، بل لكل إنسان في دار الإسلام الدفع عن حقوقه ممن أراد الاعتداء عليها.

وبناء على كل ما سبق فإن للأمة شرعاً بأفرادها أو بمجموعها أن تقاتل عن دنياها كما تقاتل عن دينها، كما ثبت أيضا بأن من يقتل دون دنياه مظلوما فهو شهيد، كمن يقاتل دون دينه، وهذا بنص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي لا ينطق عن الهوى!

ـــــــــ

ثالثا- ثبوت أحكام الشهادة للمتظاهرين دفاعا عن حقوقهم:

وإذا ثبت أن الشارع أطلق اسم الشهادة ووصفها على من قاتل دون حقوقه الدنيوية، فقد اجتمع لمن قتلوا في الثورات العربية الشعبية وصفان يوجب كل واحد منهما وصف الشهادة وأحكامها لهم:

الأول: من قاتل منهم دون نفسه أو أهله أو دينه أو ماله أو حقه فقتل.

والثاني: من قتل منهم مظلوما، وإن لم يقاتل، بل خرج مسالما يدعو إلى إنصافه ورفع الظلم عنه وعن غيره، فاعتدت عليه السلطة وقتلته، ولهذا جاء في دليل الطالب في فقه الحنابلة: (وشهيد المعركة والمقتول ظلما لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ويجب بقاء دمه عليه ودفنه في ثيابه.

وإن حمل فأكل أو شرب أو نام أو بال أو تكلم أو عطس أو طال بقاؤه عرفا أو قتل وعليه ما يوجب الغسل من نحو جنابة فهو كغيره.) (?).

وجاء في الشرح الكبير: (قَوْلُهُ (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا) كَقَتِيلِ اللُّصُوصِ وَنَحْوِهِ (فَهَلْ يُلْحَقُ بِالشَّهِيدِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) وَأَطْلَقَهُمَا فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015