وعَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ قَاتَلَ دُونَ مَالِهِ فَقُتِلَ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قَاتَلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قَاتَلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» (?)
وعن عَبْدِ اللهِ بْنَ عَمْرٍو، عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ أُرِيدَ مَالُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَقَاتَلَ فَقُتِلَ فَهُوَ شَهِيدٌ» (?)
وعَنْ أَبِي بَكْرٍ يَعْنِي ابْنَ حَفْصٍ، فَذَكَرَ قِصَّةً، قَالَ سَعْدٌ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:"نِعْمَ الْمِيتَةُ أَنْ يَمُوتَ الرَّجُلُ دُونَ حَقِّهِ " (?)
فساوت هذه الأحاديث الصحيحة الصريحة بين القتال عن الدين، والقتال عن النفس والأهل والعرض والمال والأرض والحقوق كالحرية والعدل والكرامة، فكلها مشروع القتال دونه، وكلها يصدق على من قتل دونها بأنه شهيد!
وهذان صحابيان جليلان عبد الله بن عمرو وسعيد بن زيد يرويان هذه الأحاديث ويحتجان بها قوليا وعمليا في تصديهم بالقوة لمن أرد أن يظلمهما ويأخذ حقهما وإن كانت السلطة نفسها! ولا يعرف لهما مخالف من الصحابة وهما أدرى بروايتهما ممن سواهما.
قالَ ابن المُنذِر: والَّذِي عَلَيهِ أَهل العِلمِ أَنَّ لِلرَّجُلِ أَن يَدفَعَ عَمّا ذَكَرَ إِذا أُرِيدَ ظُلمًا بِغَيرِ تَفصِيل، إِلاَّ أَنَّ كُلّ مَن يُحفَظُ عَنهُ مِن عُلَماءِ الحَدِيث المُجمِعِينَ عَلَى استِثناءِ السُّلطانِ لِلآثارِ الوارِدَةِ بِالأَمرِ بِالصَّبرِ عَلَى جَورِهِ وتَرك القِيام عَلَيهِ. (?)
وقال الخطابي:"فقد دل ذلك على أن من دافع عن ماله أو عن أهله أو دينه إذا أربد على شيء منها فأتي القتل عليه كان مأجوراً فيه نائلاً به منازل الشهداء. وقد كره ذلك قوم زعموا أن الواجب عليه أن يستسلم ولا يقاتل عن نفسه وذهبوا في ذلك إلى أحاديث