يتقدر مدتها، لعموم المصلحة فيها؛ فصارت بِوَقْفِهِ لَهَا فِي حُكْمِ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ خَيْبَرَ وَالْعَوَالِي وَأَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ، وَيَكُونُ الْمَأْخُوذُ مِنْ خَرَاجِهَا مَصْرُوفًا فِي الْمَصَالِحِ، وَلَا يَكُونُ فَيْئًا مَخْمُوسًا لِأَنَّهُ قَدْ خمس. ويكون مقصورا على الجيش لأنه وقف على جميع الْمُسْلِمِينَ. فَصَارَ مَصْرِفُهُ فِي عُمُومِ مَصَالِحِهِمْ الَّتِي منها أرزاق الجيش، وتحصين الثغور، وبناء القناطر والجوامع، وكرى الْأَنْهَارِ، وَأَرْزَاقُ مَنْ تَعُمُّ بِهِمْ الْمَصْلَحَةُ: مِنْ القضاة، والفقهاء، والقراء، والأئمة، والمؤذنين، فإن فضل بعد ذلك كان لجميع المسلمين ممن تعم بهم المصلحة ومن لا مصلحة فيه الغني والفقير. وقد نص أحمد على أن عمر لم يقسمه بين الغانمين، بل وقفه. فقال في رواية حنبل " أوقفه عمر ولم يقسمه. أشار علي عليه بذلك". وقال في رواية المروزي " إنما أذهب إلى أن السواد وقف وعمر ترك السواد ولم يقسمه". وقال في رواية الميموني " السواد إنما أوقف على من يجئ من المسلمين". وقال في رواية الأثرم، وذكر قوله تعالى (والذين جاءوا من بعدهم) " تأول عمر في ذلك أن الأرض موقوفة لمن يجئ من بعدهم". فقد نص على أنها وقف، وأن عمر لم يقسمها. فعلى هذا لا يجوز بيع رقابها، رواية واحدة. وهل يجوز شراؤها، مع منعه لبيعها؟ على روايتين: إحداهما لا يجوز نقل ذلك الجماعة فقال: في رواية المروزي - وقد سئل عن الرجل يريد الخروج إلى العراق، ترى له أن يبيع داره؟ فلم ير له، وقال " لا يفعل". وقال في رواية إسحاق - وقد سئل عن الرجل يكون له الضيعة في السواد، وعليه دين، هل يبيع ويقضي دينه؟ قال " لا ". وقال أيضا في رواية محمد بن أبي حرب مثل ذلك. وقال في رواية حنبل" السواد وقف، ولا أرى بيع أرضه، ولا شراءه". فقد نقل الجماعة عنه المنع على الإطلاق.
والوجه فيه: أنها وقف عمر على جماعة المسلمين، فجرى مجرى سائر الوقوف وقد روى عن عمر منع الشراء.