وأما العراق: فهو في العرض مستوعب لعرض السواد عرفا، ويقصر عن طوله في العرض، لأن أوله في شرقي دجلة: العلث. وعن غَرْبَيْهَا حَرْبِيٌّ، ثُمَّ يَمْتَدُّ إلَى آخِرِ أَعْمَالِ الْبَصْرَةِ مِنْ جَزِيرَةِ عَبَّادَانِ، فَيَكُونُ طُولُهُ مِائَةً وخمسة وعشرين فرسخا، يقصر عن طول السواد بخمسة وثلاثين فرسخا، وعرضه: ثَمَانُونَ فَرْسَخًا كَالسَّوَادِ. قَالَ قُدَامَةُ بْنُ جَعْفَرٍ: يكون ذلك مُكَسَّرًا عَشَرَةَ آلَافِ فَرْسَخٍ.
وَطُولُ الْفَرْسَخِ: اثْنَا عَشَرَ أَلْفِ ذِرَاعٍ بِالذِّرَاعِ الْمُرْسَلَةِ، وَيَكُونُ بِذِرَاعِ الْمِسَاحَةِ – وَهِيَ الذِّرَاعُ الْهَاشِمِيَّةُ – تِسْعَةَ آلَافِ ذِرَاعٍ فيكون ذلك إذا ضرب في مثله، وهو تَكْسِيرُ فَرْسَخٍ فِي فَرْسَخِ: اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ أَلْفَ جَرِيبٍ وَخَمْسِمِائَةِ جَرِيبٍ، فَإِذَا ضُرِبَ ذَلِكَ فِي عَدَدِ الْفَرَاسِخِ، وَهِيَ عَشَرَةُ آلَافِ فَرْسَخٍ: بَلَغَ مِائَتَيْ أَلْفِ أَلْفٍ وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ أَلْفَ أَلْفِ جَرِيبٍ، يَسْقُطُ مِنْهَا بِالتَّخْمِينِ مَوَاضِعُ التِّلَالِ وَالْآكَامِ، والسباخ، والآجام ومدارس الطرق والمحاج، ومجاري الانهار، وعراص المدن والقرى، ومواضع الأرحاء، والبريدات والقناطر، والشاذروانات، والبيادر، ومطارح القصب وأتانين الآجر وغير ذلك، وَهُوَ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ أَلْفَ أَلْفِ جَرِيبٍ يَصِيرُ الْبَاقِي مِنْ مِسَاحَةِ الْعِرَاقِ: مِائَةَ أَلْفِ أَلْفٍ جريب، وخمسين وسبعون أَلْفَ أَلْفِ جَرِيبٍ يُرَاحُ مِنْهَا النِّصْفُ، وَيَكُونُ النِّصْفُ مَزْرُوعًا مَعَ مَا فِي الْجَمِيعِ مِنْ المخل والكرم والأشجار. وإذا أضاف إلَى مَا ذَكَرَهُ قُدَامَةُ فِي مِسَاحَةِ الْعِرَاقِ ما زاد عليها من بَقِيَّةَ السَّوَادِ وَهُوَ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ فَرْسَخًا كَانَتْ الزيادة على تلك المساحة السواد قَدْرَ رُبْعِهَا، فَيَصِيرُ ذَلِكَ مِسَاحَةَ جَمِيعِ مَا يصلح للزرع والغرس من أرض السواد. وَقَدْ يَتَعَطَّلُ مِنْهُ بِالْعَوَارِضِ وَالْحَوَادِثِ مَا لَا ينحصر. وقد قيل: إنه كانت بلغت مساحة السواد أيام كسرى مائة ألف ألف وخمسين ألف ألف جريب، وكان مبلغ ارتفاعه مائتي ألف ألف وسبعة وثمانين أَلْفِ دِرْهَمٍ، بِوَزْنِ سَبْعَةٍ، لِأَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ عن كل جريب درهما وقفيزا، وأن مساحة ما كان يزرع عَلَى عَهْدِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، مِنْ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ أَلْفَ أَلْفِ جَرِيبٍ إلَى سِتَّةٍ وثلاثين ألف ألف جريب. وإذا ثبت بما ذكرنا حدود السواد ومساحة مزارعه فالكلام في فتحه وفي حكمه.
فمذهب أحمد أنه فتح عنوة، ولم يقسمه عمر بين الغانمين، بل وقفه على كافة المسلمين وأقره في يد أَرْبَابِهِ بِخَرَاجٍ ضَرَبَهُ عَلَى رِقَابِ الْأَرْضَيْنِ، يَكُونُ أجرة لها، يؤدي في كل عام وإن لم