فَأَمَّا الدَّارَانِ، فَإِنَّ عَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ باعهما بد هجرة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ قِيلَ لَهُ " فِي أَيِّ دورك تنزل؟ فقال: وهل ترك لنا عقيل من رباع؟ ". فلم يرجع فيما باعه عقيل لأنه غلب عَلَيْهِ، وَمَكَّةُ دَارُ حَرْبٍ يَوْمَئِذٍ، فَأَجْرَى عَلَيْهِ حُكْمَ الْمُسْتَهْلَكِ، فَخَرَجَتْ هَاتَانِ الدَّارَانِ مِنْ صَدَقَاتِهِ. وأما دور أَزْوَاجَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالمدينة، فكان قد أعطى كل واحدة منهن الدار التي تسكنها، وَوَصَّى بِذَلِكَ لَهُنَّ. فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ عَطِيَّةَ تَمْلِيكٍ فَهِيَ خَارِجَةٌ مِنْ صَدَقَاتِهِ، وَإِنْ كَانَ عَطِيَّةَ سُكْنَى وَإِرْفَاقٍ فَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ صدقاته، وقد دخلت اليوم في مسجده، وَلَا أَحْسَبُ مِنْهَا مَا هُوَ خَارِجٌ عَنْهُ. وَأَمَّا رَحْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - فَقَدْ رَوَى هِشَامٌ الْكَلْبِيُّ عَنْ عَوَانَةَ بْنِ الحكم: أن أبا بكر دفع إلى علي آلَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ورايته وَحِذَاءَهُ، وَقَالَ " مَا سِوَى ذَلِكَ صَدَقَةٌ". وَرَوَى الْأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ " تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ بِثَلَاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ".
فَإِنْ كَانَتْ دِرْعُهُ الْمَعْرُوفَةُ بِالْبَتْرَاءِ، فَقَدْ حُكِيَ أَنَّهَا كَانَتْ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ يَوْمَ قُتِلَ فَأَخَذَهَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ، فلما قتل المختار عبيد الله صار الدِّرْعُ إلَى عَبَّادِ بْنِ الْحُصَيْنِ الْحَنْظَلِيِّ ثُمَّ إن خالد بن عبد الله بن خالد بْنِ أُسَيْدٍ - وَكَانَ أَمِيرَ الْبَصْرَةِ - سَأَلَ عَبَّادًا عَنْهَا فَجَحَدَهُ إيَّاهَا فَضَرَبَهُ مِائَةَ سَوْطٍ، فَكَتَبَ إلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ " مِثْلُ عَبَّادٍ لا يضرب، إنما كان ينبغي أن تقتله، أو تعفو عنه" ثم لم يعرف للدرع خبر بعد ذلك. وأما البردة فقد حكى أبان بن تغلب: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان وهبها لكعب بن زهير فاشتراها منه معاوية، فهي التي تلبسها الْخُلَفَاءُ. وَحَكَى ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ: أَنَّ هَذِهِ البردة كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أعطاها أهل أيلة فأخذها منهم عبد الله بْنُ خَالِدِ بْنِ أَبِي أَوْفَى وَكَانَ عَامِلًا عليهم من قبل مروان ابن محمد وبعث بها إليه، وكانت في خزانته حَتَّى أُخِذَتْ بَعْدَ قَتْلِهِ. وَقِيلَ: اشْتَرَاهَا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّفَّاحُ بِثَلَاثِمِائَةِ دِينَارٍ. وَأَمَّا الْقَضِيبُ فَهُوَ مِنْ تَرِكَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّتِي هِيَ صَدَقَةٌ، وَقَدْ صَارَ مَعَ البردة من شعار الخلفاء.