لأنه فتحهما صُلْحًا. فَصَارَتْ هَذِهِ الْحُصُونُ الثَّلَاثَةُ - بِالْفَيْءِ وَالْخُمُسِ - خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَصَدَّقَ بِهَا، وَكَانَتْ مِنْ صَدَقَاتِهِ. وَقَسَّمَ الْخَمْسَةَ الباقية بين الغانمين. الصدقة السادسة: النصف من فدك. كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما فتح خيبر خافه أَهْلُ فَدَكَ فَصَالَحُوهُ، بِسِفَارَةِ مُحَيِّصَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، على أن له نصف أرضهم ونخيلهم. يُعَامِلُهُمْ عَلَيْهِ، وَلَهُمْ النِّصْفُ الْآخَرُ، فَصَارَ النِّصْفُ مِنْهَا مِنْ صَدَقَاتِهِ مُعَامَلَةً مَعَ أَهْلِهَا بِالنِّصْفِ من ثمرها، والنصف خالص لهم إلى أن أجلاهم عمر فِيمَنْ أَجْلَاهُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَنْ الْحِجَازِ. فَقَوَّمَ فَدَكَ، وَدَفَعَ إلَيْهِمْ نِصْفَ الْقِيمَةِ فَبَلَغَ ذَلِكَ سِتِّينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَكَانَ الَّذِي قَوَّمَهَا مالك ابن التَّيْهَانِ، وَسَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، فَصَارَ نِصْفُهَا مِنْ صَدَقَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ونصفها لكافة المسلمين. ومصرف النصفين الآن سواء. الصدقة السابعة: الثلث من وَادِي الْقُرَى، لِأَنَّ ثُلُثَهَا كَانَ لِبَنِي عُذْرَةَ وثلثاها لليهود. فصالحهم رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى نِصْفِهِ، فَصَارَتْ أَثْلَاثًا: ثُلُثُهَا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - هو صدقاته - وَثُلُثُهَا لِبَنِي عُذْرَةَ إلَى أَنْ أَجَلَاهُمْ عُمَرُ عنها، وقوم حقهم منها، فبلغت قيمته تسعين ألف دينار، فدفعها عمر إلَيْهِمْ وَقَالَ لِبَنِي عُذْرَةَ، " إنْ شِئْتُمْ أَدَّيْتُمْ نصف ما أعطيت ونعطيكم النصف" فأعطوا خمسة وأربعين أَلْفَ دِينَارٍ، فَصَارَ نِصْفُ الْوَادِي لِبَنِي عُذْرَةَ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ: الثُّلُثُ مِنْهُ فِي صَدَقَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالسُّدُسُ مِنْهُ لكافة المسلمين، ومصرف جميع النصف سواء.
الصدقة الثامنة: موضع بسوق بالمدينة يقال له مهزور، استقطعها مروان من عثمان. فتقم بها الناس عليه. فاحتمل أن يكون إقطاع تصمين لَا تَمْلِيكٍ، لِيَكُونَ لَهُ فِي الْجَوَازِ وَجْهٌ. فَأَمَّا مَا سِوَى هَذِهِ الصَّدَقَاتِ الثَّمَانِيَةِ مِنْ أمواله، فذكر الْوَاقِدِيُّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرِثَ مِنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ أُمَّ أيمن الحبشية، واسمها بركة خمسة أجمال، وقطعة من غنم، وَمَوْلَاهُ شُقْرَانَ وَابْنَهُ صَالِحًا، وَقَدْ شَهِدَ بَدْرًا. وورث من أمه آمنة بنت وهب دارها التي ولد فيه بمكة فِي شِعْبِ بَنِي عَلِيٍّ. وَوَرِثَ مِنْ زَوْجَتِهِ خديجة بنت خويلد دَارَهَا بِمَكَّةَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ خَلْفَ سُوقِ الْعَطَّارِينَ، وَأَمْوَالًا. وَكَانَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ اشْتَرَى لِخَدِيجَةَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ مِنْ سُوقِ عُكَاظٍ بِأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَاسْتَوْهَبَهُ مِنْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - وأعتقه، وزوجه أم أيمن، فولدت منه أُسَامَةَ بَعْدَ النُّبُوَّةِ.