لِأَنَّ قِتَالَ أَهْلِ الْبَغْيِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ التي لا تجوز أن تضاع، وكونها مَحْفُوظَةً فِي حَرَمِهِ أَوْلَى مِنْ أَنْ تَكُونَ مُضَاعَةً فِيهِ. فَأَمَّا إقَامَةُ الْحُدُودِ فِي الْحَرَمِ فينظر، فإن أتاها في الحرم أقيمت عليه فِيهِ. وَإِنْ أَتَاهَا فِي الْحِلِّ ثُمَّ لَجَأَ إلَى الْحَرَمِ لَمْ يُقَمْ عَلَيْهِ فِيهِ وَأُلْجِئَ إلى الخروج منه بترك مبايعته ومشاراته. فإذا خرج أقيمت عليه. الحكم الثَّالِثُ تَحْرِيمُ صَيْدِهِ9 عَلَى الْمُحْرِمِينَ وَالْمُحِلِّينَ مِنْ أهل الحرم ومن طرأ عليه. فمن أصاب من صيده وجب عليه فِي الْحِلِّ ضَمِنَهُ، لِأَنَّهُ قَاتِلٌ فِي الْحَرَمِ، ونقل ابن مسور عنه لا يضمنه، وَهَكَذَا لَوْ رَمَى مِنْ الْحِلِّ صَيْدًا فِي الحرم ضمنه لأنه مقتول في الحرم. ولو صيد في الحل قَتْلُ مَا كَانَ مُؤْذِيًا مِنْ السِّبَاعِ وَحَشَرَاتِ الأرض.
فإن وقف طائر على غصن شجرة أصلها في الحرم والغصن في الحل فقتله محل في الحل، ففي ضمانه روايتان نقلهما ابن منصور. الحكم الرابع تحريم قطع الشجر الذي أنبته الله تعالى فيه، وَلَا يَحْرُمُ قَطْعُ مَا غَرَسَهُ الْآدَمِيُّونَ، كَمَا لَا يَحْرُمُ فِيهِ ذَبْحُ الْأَنِيسِ مِنْ الْحَيَوَانِ. ولا يجوز أن يرعى حشيش الحرم. قال في رواية الفضل " لا يجتش من حشيش الحرم". ويضمن الشجرة الكبيرة ببقرة، والصغيرة بشاة، والغصن من كل واحدة منهما بسقط من ضمان أصلها، ولا يكون ما استخلف من قَطْعِ الْأَصْلِ مُسْقِطًا لِضَمَانِ الْأَصْلِ.