أحدها: أن لَا يَدْخُلُهُ مُحِلٌّ قَدِمَ إلَيْهِ حَتَّى يُحْرِمَ لِدُخُولِهِ إمَّا بِحَجٍّ أَوْ بِعُمْرَةٍ يَتَحَلَّلُ بِهَا من إحرامه: إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَكْثُرُ الدُّخُولُ إلَيْهَا لِمَنَافِعِ أَهْلِهَا، كَالْحَطَّابِينَ، وَالسَّقَّايِينَ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ مِنْهَا غدوة ويعودون إليها عشاء، فَيَجُوزُ لَهُمْ دُخُولُهَا مُحَلِّينَ، لِدُخُولِ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ في الإحرام كلما دخلوا. فَإِنْ دَخَلَ الْقَادِمُ إلَيْهَا حَلَالًا فَقَدْ أَثِمَ ولزمه إحرام على وجه القضاء. فإن أدّى به حجة الإسلام في سنته سقط عنه، وإن أخره إلى السنة الثانية لم يجز عن حجة الإسلام، ولزمه حجة أوعمرة.
قال في رواية حرب: فيمن قدم من بلد بعيد تاجرا فدخل مكة بغير إحرام " يرجع إلى الميقات فيهل بعمرة إن كان في غير أيام الحج، وإن كان في أيام الحج أهل بحجة". والوجه فيه: أنه إذا أراد دخولها لزمه أن يحرم، فإذا لم يحرم فقد ترك إحراما قد لزمه، فعليه أن يأتي به، كما لو قال " لله عليّ إحرام" وتركه يلزمه الإتيان به. فإن قيل: إذَا خَرَجَ لِلْقَضَاءِ كَانَ إحْرَامُهُ الَّذِي يَسْتَأْنِفُهُ مُخْتَصًّا بِدُخُولِهِ الثَّانِي، فَلَمْ يَصِحَّ أَنْ يَكُونَ قضاء عن دخوله الأول، فيتعذر القضاء. قيل: إذا خرج للقضاء وحصل في الميقات لزمه أن يتجاوز إلى مكة محرما، فإذا فعل ذلك لم يلزمه معنى آخر. ومثل هذا ما نقوله جميعا لو أحرم بحجة الإسلام أو المنذورة صح، ولا نقول: قد لزمه بالدخول إحرام، وحجة الإسلام لازمة بالشرع، فيؤدي إلى تعذر الواجب. ولا دم عليه على ظاهر ما نقله جرب عنه، لأنه قد أتى بالواجب. الحكم الثَّانِي أَنْ لَا يُحَارَبَ أَهْلُهَا، لِتَحْرِيمِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قتالهم " لا يحل لامرئ مسلم يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دما". فإن بغوا على أهل العدل قاتلهم عَلَى بَغْيِهِمْ إذَا لَمْ يُمْكِنْ رَدُّهُمْ عَنْ البغي إلا بالقتال