إيمانه بما آمن به مما سواه. وقد تقدم قول البربهاري في كتابه "شرح السنة": "من رد آية من كتاب الله فقد رد الكتاب كله، ومن رد حديثًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد رد الأثر كله، وهو كافر بالله العظيم". انتهى، وتقدم له في هذا الموضوع كلام أكثر من هذا، فليراجع (?).
وأما قوله: أنه ليس من عقائد الإسلام عقيدة عن المهدي، ولم يذكرها كتاب من كتب أهل السنة للعقائد.
فالجواب: عنه قد تقدم في أول الكتاب عند قول ابن محمود تقليدًا لأحمد أمين "وإن فكرة المهدي ليست في أصلها من عقائد أهل السنة القدماء" فليرجع إليه (?).
وقال ابن محمود في صفحة (10): "والحاصل الذي نعتقده وندين الله به أنه لا مهدي ينتظر بعد الرسول محمد خير البشر، وأنه لا ينكر على من أنكره، إذ إنكاره لا ينقص من الإيمان، وإنما يتوجه الإنكار على من يجادل في وجوده وصحة خروجه".
والجواب عن هذا من وجهين؛ أحدهما: أن يقال: إن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، وقد قال الله -تعالى-: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا}، وقال الله -تعالى-: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا}، وما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من أنباء الغيب فهو حق وهو من البصائر التي اطلع الله نبيه عليها، قال -تعالى-: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في خروج المهدي عدة أحاديث، فمن آمن بها فذلك عنوان على تحقيقه لشهادة أن محمدًا رسول الله، ومن ردها فإنما يرد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله وخبره، والرد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس بالأمر الهين وعاقبته وخيمة جدًا، فليحذر العاقل أن يكون مشاقًا لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - ومتبعًا غير سبيل المؤمنين وهو يحسب أنه من المهتدين.
وقد تقدم قول الإمام أحمد: "كل ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إسناد جيد أقررنا به، وإذا لم نقر بما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - ودفعناه ورددناه رددنا على الله أمره، قال الله -تعالى-: