الرد على قوله إن المهدي لا يأتي بكتاب ولا بدين جديد يكمل به الدين وليس بملك ولا نبي

فجوابه: أن يقال: إنما ينزه النبي - صلى الله عليه وسلم - عما يكون فيه عيب له أو لحديثه، وليس في إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن المهدي بأنه أجلى الجبهة أقنى الأنف ما يقتضي العيب له - صلى الله عليه وسلم - أو لحديثه، فتنزيهه عن ذلك لغو لا يقوله عاقل، وينبغي تنزيه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن لغو المعارضين للأحاديث الثابتة عنه.

ويقال أيضًا: لو أن ابن محمود قال: إن هذه الأوصاف موجودة في كثير من الناس لكان لقوله وجه يحتمل، فأما قوله إن هذه الأوصاف موجودة في أكثر بني آدم فذلك غير مُسلّم، والقنا في الأنف أقل بكثير من الجلاء في الجبهة كما هو معلوم بالمشاهدة، وأما اجتماع الصفتين فذلك نادر في الرجال.

وأما قوله: ولا يأتي من اتصف بها بكتاب من ربه يصدق قوله، ولا بدين جديد يكمل به دين محمد رسول الله، وليس بملك مقرب، ولا نبي مرسل.

فجوابه: أن يقال: لا يخفى ما في كلام ابن محمود من المجازفة التي تدل على فساد التصور، وهل يدور في عقل من له أدنى عقل وعلم أنه من الممكن أن يأتي أحد بعد محمد - صلى الله عليه وسلم - بكتاب من الله يصدق قوله؟ وهل يدور في عقل من له أدنى عقل وعلم أنه من الممكن أن دين محمد - صلى الله عليه وسلم - ناقص، وأنه من الممكن أن يأتي أحد بدين جديد يكمل به دين محمد - صلى الله عليه وسلم -؟ وهل يدور في عقل من له أدنى عقل وعلم أن ملكًا مقربًا ينزل من السماء ويقول إنه المهدي؟ وهل يدور في عقل من له أدنى عقل وعلم أن المهدي المبشر به يجترئ على أن يقول إنه ملك مقرب أو نبي مرسل، أو أنه يأتي بدين جديد، أو بكتاب من الله يصدق قوله، أو يقول إن دين الإسلام ناقص، وإن إكماله يكون على يديه؟! فكل هذه الأقوال الوخيمة لا تدور في العقل السليم، وإنما تدور في أفكار الذين في عقولهم خلل شديد. وإذا كان نبي الله عيسى ابن مريم -عليه الصلاة والسلام- الذي هو أحد أولي العزم من الرسل إذا نزل في آخر الزمان إنما يحكم بالكتاب والسنة، ولا يأتي بكتاب جديد ولا بدين جديد يكمل به دين محمد - صلى الله عليه وسلم -، فغيره من الناس أولى أن لا يأتي بكتاب جديد ولا بدين جديد بعد محمد - صلى الله عليه وسلم -.

وإذا علم هذا، فلو زعم رجل أنه المهدي، وأنه أتى بكتاب من الله، أو قال إن دين الإسلام ناقص وإنه أتى ليكمله، لحكم كل مؤمن له أدنى علم ومعرفة أنه دجال من الدجالين، إن لم يكن مسلوب العقل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015