شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي في تلخيصه، ورواه الإمام أحمد أيضًا بأسانيد بعضها على شرط مسلم، ورواه الترمذي وحسنه، ورواه الحاكم أيضًا من طريقين، قال في أحدهما: "صحيح على شرط مسلم"، وأقره الذهبي، وصحح الآخر، ووافقه الذهبي. وقد تقدم إيراد الروايات عن أبي سعيد -رضي الله عنه- والكلام عليها مبسوطًا في أول الكتاب فليراجع (?)، ففيه رد على مجازفات ابن محمود في معارضته لهذا الحديث، وزعمه في أول الفصل أنه من الأحاديث التي ليست بصحيحة.

وأما قوله: إن هذا الحديث بمعنى الحديث الأول ما عدا الأوصاف من كونه أجلى الجبهة، أقنى الأنف، وهذه الأوصاف موجودة في كثير من الناس، فلا يفيد بالمهدي علمًا ولا يقينًا.

فجوابه: أن يقال: إنما يعرف المهدي ويشتهر بعمله بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبسطه للقسط والعدل، وإزالته للجور والظلم، وهذه الأوصاف نادرة الوجود، ويضاف إلى ذلك كونه من أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأن اسمه يواطئ اسم النبي - صلى الله عليه وسلم -، واسم أبيه يواطئ اسم أبي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنه يشبه النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخُلُق بضم الخاء، وقد جاء ذلك في حديثين عن علي وابن مسعود -رضي الله عنهما-؛ فأما حديث علي -رضي الله عنه- فرواه أبو داود، عن أبي إسحاق قال: قال علي -رضي الله عنه- ونظر إلى ابنه الحسن فقال: «إن ابني هذا سيد كما سماه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وسيخرج من صلبه رجل يمسى باسم نبيكم - صلى الله عليه وسلم -، يشبهه في الخُلُق ولا يشبهه في الخلق، ثم ذكر قصة يملأ الأرض عدلا»، وأما حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- فرواه ابن حبان في صحيحه، ولفظه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يخرج رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي وخلقه خلقي، فيملؤها قسطًا وعدلا كما ملئت ظلمًا وجورًا». وهذا الحديث الصحيح يؤيد حديث علي -رضي الله عنه- ويقويه، قال شمس الحق في "عون المعبود" في الكلام على حديث علي -رضي الله عنه-: "يشبهه في الخلق؛ بضم الخاء واللام وتسكن، ولا يشبهه في الخلق؛ بفتح الخاء وسكون اللام؛ أي يشبهه في السيرة، ولا يشبهه في الصورة". انتهى، وهذه الصفة نادرة الوجود.

وأما وصفه بأنه أجلى الجبهة، أقنى الأنف، فذلك زيادة إيضاح في التعريف به.

وأما قوله: ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - منزه عن أن يحيل أمته على هذه الأوصاف الموجودة في أكثر بني آدم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015