وتقدم أيضًا ما نقله غير واحد من أكابر العلماء عن الآبري، أنه قال في أحاديث المهدي إنها متواترة، وقد أقروه على هذا القول، ولم يعارضه أحد منهم ولا من غيرهم من العلماء، فليراجع ما تقدم (?)، ففيه أبلغ رد على من نفى الصحة عن جميع أحاديث المهدي، ومن نفى التواتر عنها.
الوجه الثاني: أن يقال: قد جاء في المهدي تسعة أحاديث من الصحاح والحسان ذكرتها في أول الكتاب (?)، وقد صرح في خمسة منها باسم المهدي، أولها: حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- المرفوع، فقد صرح فيه باسم المهدي في رواية لأحمد والترمذي، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن، قال: وقد روي من غير وجه عن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "، ورواه الإمام أحمد أيضًا من طرق، وفيها التصريح باسم المهدي، قال الهيثمي: "رواه أحمد، وأبو يعلي، ورجالهما ثقات"، وقد أقره الحافظان؛ زين الدين العراقي، وابن حجر العسقلاني على هذا القول؛ لأنهما قد حررا مجمع الزوائد معه، ورواه الحاكم من طريق أخرى، وصححه ووافقه الذهبي على تصحيحه، ورواه أبو داود ولفظه: «المهدي مِنِّي، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطًا وعدلا كما ملئت جورًا وظلمًا، يملك سبع سنين» قال ابن القيم في"المنار المنيف": "إسناده جيد".
ثانيها: حديث علي -رضي الله عنه- المرفوع، وفيه: «المهدي مِنَّا أهل البيت» رواه الإمام أحمد، وابن ماجة، وإسناد كل منهما حسن.
ثالثها: حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يكون في أمتي المهدي» الحديث رواه الطبراني في الأوسط، قال الهيثمي: "ورجاله ثقات"، وقد أقره الحافظان؛ زين الدين العراقي، وابن حجر العسقلاني على هذا القول.
رابعها: حديث أبي الطفيل، عن محمد بن الحنفية قال: كنا عند علي -رضي الله عنه- فسأله رجل عن المهدي، فذكر الحديث، وهو موقوف وله حكم المرفوع؛ لأنه لا يقال من قبل الرأي، وإنما يقال عن توقيف، وقد رواه الحاكم، وقال: "صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي على ذلك.
خامسها: حديث جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ينزل عيسى ابن مريم، فيقول أميرهم المهدي: تعال صل بِنا، فيقول: لا، إن بعضهم أمير .................