بعض، تكرمة الله لهذه الأمة» رواه الحارث بن أبي أسامة، قال ابن القيم في "المنار المنيف": "إسناده جيد".
وفي هذه الأحاديث الخمسة أبلغ رد على قول ابن محمود إنه ليس في المهدي حديث صحيح صريح في تسمية المهدي، وقد جاء في ذلك أيضًا حديث سادس حسن، وهو ما رواه أبو داود وابن ماجة والحاكم، عن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «المهدي من عترتي من ولد فاطمة»، وقد سكت أبو داود على هذا الحديث، وقال في رسالته إلى أهل مكة: "وما لم أذكر فيه شيئًا فهو صالح، وبعضها أصح من بعض"، وأورده السيوطي في "الجامع الصغير" ورمز له بالصحة، وقال العزيزي في "السراج المنير، شرح الجامع الصغير": "إسناده حسن".
وإذا علم هذا، فلا ينبغي لمن له عقل وعلم أن يلتفت إلى تخرصات ابن محمود وتوهماته وجراءته على رد الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المهدي، ومخالفته لأقوال الأئمة الحفاظ النقاد الذين صححوا جملة منها وحسنوا جملة أخرى، فقد قال الله: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ}.
الوجه الثالث: أن يقال: إذا كان ابن محمود لم يجد حديثًا صحيحًا صريحًا يعتمد عليه في تسمية المهدي بعد استقرائه وتتبعه، فينبغي له أن لا يسارع إلى إنكار ما خفي عليه من الأحاديث الثابتة عند الأئمة الحفاظ النقاد، فقد قال الله -تعالى-: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً}، وقال -تعالى-: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ}. فليحذر ابن محمود أن يكون من أهل هاتين الآيتين وهو لا يشعر.
وأما قوله: وقد نزَّه البخاري ومسلم كتابيهما عن الخوض في أحاديث المهدي، كما أنه ليس له ذكر في القرآن.
فجوابه: أن يقال: هذا الكلام مأخوذ من كلام رشيد رضا وأحمد أمين والمستشرق دونلدسن، وقد تقدم إيراده والرد عليه في أول الكتاب، مع الكلام على قول ابن محمود في صفحة (6): ومنها أن هذه الأحاديث لم يأخذها البخاري ومسلم كما أنه ليس له ذكر في القرآن، وقد أورده ابن محمود أيضًا في ................................................