تغيَّرت العادة وصار ذلك محبوباً موجِباً لزيادة الثمن لم تُرَدَّ به، وبهذا القانون تُعتَبَر جميع الأحكام المترتبة على العوائد، وهو تحقيقٌ مجمعٌ عليه بين العلماء، لا خلاف فيه " (?).
و"جميع أبواب الفقه المحمولة على العوائد إذا تغيَّرت العادة تغيَّرت الأحكام في تلك الأبواب" (?).
ومن الأحكام التي وردت في الشرع مطلقةً من غير تحديدٍ ولا تقدير، وأحال الشرعُ الاجتهادَ فيها إلى العُرف: اشتراط العدالة في الشهود , كمافي قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2].
فما يقدح في العدالة يختلف في بعض صوره باختلاف عادات الناس , فما يكون في بلدٍ أو زمنٍ قادحاً قد لايُعْتَبر كذلك في بلدٍ أو زمنٍ آخر.
قال الشاطبي: " مثل كشف الرأس، فإنه يختلف بحسب البقاع في الواقع، فهو لذوي المروءات قبيحٌ في البلاد المشرقية، وغير قبيحٍ في البلاد المغربية، فالحُكْم الشرعي يختلف باختلاف ذلك، فيكون عند أهل المشرق قادحاً في العدالة، وعند أهل المغرب غير قادح" (?).
وأيضاً" فإنَّا نفتي في زمانٍ معيَّنٍ بأن المشتري تلزمه سكَّةٌ معيَّنةٌ من النقود عند الإطلاق؛ لأن تلك السَّكَّة هي التي جرت العادة بالمعاملة بها في ذلك الزمان، فإذا وجدنا بلداً آخر وزماناً آخر يقع التعامل فيه بغير تلك السَّكَّة تغيَّرت الفتيا إلى السَّكَّة الثانية، وحَرُمَت الفتيا بالأولى لأجل تغيُّر العادة، وكذلك القول في نفقات الزوجات والذرية والأقارب وكسوتهم تختلف بحسب العوائد، وتنتقل الفتوى فيها وتَحرُم الفتوى بغير العادة الحاضرة، وكذلك تقدير العواري بالعوائد ,وقبض الصدقات عند الدخول أو قبله أو بعده .. " (?).
وقد ذكر ابن عابدين أمثلةً كثيرةً من المسائل التي اختلف حكمها