ومن ذلك-أيضاً-: إذا كانت العادة في النكاح قبض الصَّداق قبل الدخول، أو في البيع الفلاني أن يكون بالنقد لا بالنسيئة، أو بالعكس، أو إلى أجل كذا دون غيره، فالحُكْم أيضا جارٍ على ذلك, مالم يصرِّح المتعاقدان بخلافه (?).
ومن صور تحقيق المناط بالعُرف- أيضاً-: حَمْلُ ألفاظ المكلَّفين وعباراتهم على المعاني المتعارَف عليها بينهم.
ومن ذلك: أن عبارات الواقفين لاتُبنى على الدقائق اللغوية والأصولية ,إنما تُبنى على مايتبادر ويُفْهَم منها بحسب عادات الواقفين ومقاصدهم (?).
وكذا ألفاظ الطلاق , والأيمان , والوصايا , والوكالة , والإقرار, ونحو ذلك مما يُعْتَبر فيه العادة الغالبة عند المتلفظين بها كنايةً وتصريحاً (?).
وبهذا يتبيَّن مما تقدَّم من صور تحقيق المناط بالعُرف أنه من أهم مسالك تحقيق مناطات الأحكام المطلقة التي لم يرد بشأنها في الشرع تحديدٌ أو تقدير.
ثالثاً: قد ينيط الشارعُ الحُكْم بالعُرف , والعُرف تختلف صوره بحسب اختلاف الأزمنة والأمكنة والأحوال, فإذا تغيَّر العُرف لزم تغيُّر الحكم، فالأحكام تدور مع مناطاتها وجوداً وعدماً.
قال القرافي: " الأحكام المترتِّبة على العوائد تدور معها كيفما دارت، فتبطل معها إذا بطلت، كالنقود في المعاملات، والعيوب في الأعراض في البياعات ونحو ذلك، فلو تغيَّرت العادة في النقد، والسّكَّة إلى سكَّةٍ أخرى لحُمِل الثمن في البيع عند الإطلاق على السّكَّة التي تجدَّدت العادة بها دون ما قبلها، وكذلك إذا كان الشيء عيباً في الثياب في عادةٍ رددنا به المبيع، فإذا