العُرف , ولأن الشارع لو علَّق الحُكْم على مُسَمَّى باسمٍ لتعلَّق بمسمَّاه عند أهل اللسان، فكذلك يتعلَّق الحُكْم بالمسمَّى إحياءً عند أهل العُرف، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يعلِّق حكماً على ما ليس إلى معرفته طريق، فلما لم يبيِّنه تعيَّن العُرف طريقاً لمعرفته، إذ ليس له طريقٌ سواه (?).
ويحصل إحياء الأرض عادةً إما بحائطٍ منيع، أو بإجراء الماء، أو حفر بئرٍ فيها، أو غرس شجر، ويُرجع في ذلك إلى العُرف، فما عدَّه الناس إحياءً فإنه تُمْلَك به الأرض الموات (?).
ومن صور تحقيق المناط بالعُرف -أيضاً-: حَمْلُ تصرُّفات المكلَّفين التعاقدية على ماجرت به العادة في تلك التصرُّفات مالم تكن مصادِمةً للشرع.
فالعُرف العام أو الغالب في الناس عامّةً، أو عند طائفةٍ منهم, يجري مجرى النطق إذا لم يُصَرَّح بخلافه.
قال ابن عبدالسلام: " كلُّ ما يثبت في العُرف إذا صرَّح المتعاقدان بخلافه بما يوافق مقصود العقد صح , فلو شرط المستأجر على الأجير أن يستوعب النهار بالعمل من غير أكلٍ وشربٍ ويقطع المنفعة لزمه ذلك" (?).
وقال ابن القيم: "وقد جرى العُرف مجرى النطق في أكثر من مائةٍ موضع" (?).
ومن ذلك: أنه لوباع شيئاً بدراهم وأطلق , فإنه يُحمَل على النقد الغالب في ذلك البلد؛ لأنه هو المُتعارَف عليه , فينصرف المُطْلَق إليه , إلا إذا صرَّح المتعاقدان بخلافه (?).