قال ابن عابدين: "المفتي الذي يفتي بالعُرف لا بدَّ له من معرفة الزمان وأحوال أهله , ومعرفة أن هذا العُرف خاصٌّ أو عام, وأنه مخالفٌ للنصِّ أو لا " (?).

فلا يجوز للمفتي أن يفتي فيما يتعلَّق بالألفاظ كالطلاق والعِتاق والأيمان والأقارير بما اعتاده هو من فهم تلك الألفاظ دون أن يعرف عُرْفَ أهلها والمتكلمين بها ,بل يحملها على ما اعتادوه وعرفوه وإن كان الذي اعتادوه مخالفاً لحقائقها الأصلية اللغوية؛ لأن العُرْف يُقدَّم على الحقيقة المهجورة (?).

قال النووي في معرض كلامه عن أحكام الفتوى: " لا يجوز أن يفتي في الأيمان والإقرار ونحوهما مما يتعلَّق بالألفاظ إلا أن يكون من أهل بلد اللافظ أو متنزِّلاً منزلتهم في الخبرة بمرادهم من ألفاظهم وعُرفِهم فيها" (?).

ولو أن الرجل حفظ جميع كتب المذهب , فإن ذلك لا يؤهله للفتوى , إذ لابدَّ أن يتتلمذ للفتوى, ويتمرَّس عليها حتى يهتدي إلى الصواب فيها؛ لأن كثيراً من المسائل يُجاب عنه على عادات أهل الزمان فيما لايخالف الشريعة (?).

قال ابن عابدين: "ولابدَّ له من التخرُّج على أستاذٍ ماهر , ولا يكفيه مجرَّد حفظ المسائل والدلائل ,فإن المجتهد لابدَّ له من معرفة عادات الناس" (?).

و"من أفتى الناس بمجرَّد المنقول في الكتب على اختلاف عُرفِهم وعوائدهم وأزمنتهم وأمكنتهم وأحوالهم وقرائن أحوالهم فقد ضلَّ وأضل، وكانت جنايته على الدِّين أعظم من جناية من طبَّب الناس كلهم على اختلاف بلادهم وعوائدهم وأزمنتهم وطبائعهم بما في كتابٍ من كتب الطبِّ على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015