يُعْتَبر دليل سدِّ الذرائع من أوثق الأدلة الشرعيَّة صِلةً بالاجتهاد في المناط , وتظهر العلاقة الوثيقة بينهما في جوانب عديدة , من أهمها مايأتي:
أولاً: من ضوابط الاجتهاد في تحقيق المناط اعتبار مآلات الأفعال والأقوال الصادرة عن المكلفين (?).
وقاعدة سدَّ الذرائع راجعةٌ في الأصل إلى اعتبار المآل.
فالأصل في سدّ الذَّرائع هو النَّظر إلى مآلات الأفعال، فيأخذُ الفعلُ حكماً يتفق مع ما يؤول إليه، سواءٌ أكان يقصد ذلك الذي آل إليه الفعل أو لا يقصده، فإذا كان الفعل يؤدي إلى مقصدٍ مطلوبٍ شرعاً فهو مُعْتَبَر، وإنْ كان يؤدي إلى خلافه فهو غير مُعْتَبَر.
وقد بنى الشاطبي قاعدة سدّ الذَّرائع على قصد الشَّارع إلى النَّظر في مآلات الأفعال سواءٌ أكانت موافقةً أو مخالِفة؛ لأنَّ المجتهد لا يحكم على فعلٍ من الأفعال الصَّادرة عن المكلّفين بالإقدام أو الإحجام إلاَّ بعد النَّظر إلى ما يؤول إليه ذلك الفعل (?).
والفعل قد شُرِع إما لاستجلاب مصلحةٍ أو لدرء مفسدة , ثم قد يكون له مآلٌ على خلاف ماقُصِد منه, فإذا أُطلق القول فيه بالمشروعية، فربما أدى استجلاب المصلحة فيه إلى مفسدةٍ تساوي تلك المصلحة أو تزيد عليها (?).
والوسائل المشروعة في أصلها قد يترتَّب عليها في بعض الأحوال حصولُ مفسدةٍ إما قطعيةٌ أو راجحة , فإذا كانت كذلك مَنَعَ المجتهدُ المكلَّفَ حينئذٍ من مباشرتها قولاً كانت أو فعلاً , وسواءً قصد المكلَّفُ تلك المفسدة أو