وذلك لأن الحُكْم إذا اقترن بوصفٍ ظاهرٍ منضبطٍ مشتمِلٍ على حِكْمَةٍ غير منضبطةٍ بنفسها فإنه يصح التعليل به، وإن لم يكن هو المقصود من شرع الحكم، بل ما اشتمل عليه من الحِكْمَة الخفية، فإذا كانت الحِكْمَة وهي المقصود من شرع الحُكْم مساويةً للوصف في الظهور والانضباط كانت أولى بالتعليل بها (?).
ومن صور التعليل بالحِكْمَة التعليل بالأوصاف الملائمة لتصرُّفات الشارع التي لم يشهد لها دليلٌ خاصٌّ بالاعتبار أو الإلغاء, وهو ما يُطْلَق عليه مُسمَّى: ... " المصلحة المُرْسَلة" كما تقدَّم " (?).
وقد بنى الصحابة رضوان الله عليهم كثيراً من تصرُّفاتهم الاجتهادية على التعليل بالمصلحة المرسلة، مثل: ضرب النقود، ووضع الخراج على الأراضي الزراعية، وإنشاء الدواوين، واتخاذ السجون، وغير هذا من المصالح التي وضعوا الأحكام بناءًعليها (?).
ثانياً: قد يتفق المجتهدون على أصل المصلحة المقصودة شرعاً، ولكنَّهم يختلفون في تحقيق مناطها في بعض الصور والجزئيات، فقد يرى بعضهم أن المصلحة متحقِّقةٌ في صورةٍ معيَّنةٍ، ويرى آخرون أنها غير متحقِّقةٍ، أو يعارضها ماهو أرجحُ منها.
فالمقدِّمة الأولى وهي اعتبار المصلحة الكليَّة المقصودة شرعاً وقعت