ومن الأمثلة المعاصرة للقرائن المُعْتَبرة: بصمات الأصابع، والتحاليل المخبرية، والبصمة الوراثية، والتشريح الجنائي، ونحو ذلك (?).

وبناءً على ما تقدم فإنَّه إذا دلَّت القرائن الصحيحة عند القاضي على ثبوت حقٍّ أو واقعةٍ تترتَّب عليها أثارٌ شرعيَّة، فقد تحقَّق مناط الحُكْم فيما دلَّت عليه تلك القرائن ما لم يعارضها ما هو أقوى منها كالشهادة والإقرار ونحوهما.

المسلك السادس: الحساب والعدد.

وهو: أن يدلَّ الحساب أو العدد على ثبوت مناط الحُكْم في بعض أفراده.

ومثاله: أن مناط وجوب صلاة الظهر هو الزوال، لقوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 76]، وقوله صلى الله عليه وسلم: " ووقت الظهر إذا زالت الشمس " (?)، وهذا المناط يتحقَّق بطرقٍ عِدَّة، منها: الحساب الفلكي الذي يدرس حركة الشمس الظاهرية، ومن خلال معادلاتٍ رياضية وحساباتٍ فلكيةٍ دقيقةٍ يمكن معرفة مدار الشمس بدَّقةٍ عالية، وحساب موقعها في أي تاريخٍ ووقت، وكذلك أوقات شروقها وغروبها وزوالها، وبناءً على ذلك يتمُّ تحديد أوقات الصلوات في بلدان مختلفةٍ كما هو في التقاويم العالمية الإسلامية (?).

فإذا ثبت بالحساب الفلكي أن وقت الزوال في بلدٍ ما هو الساعة الثانية عشرة ونصف - مثلاً - فإن مناط وجوب صلاة الظهر على أهل ذلك البلد يتحقق بحلول ذلك الوقت، وبهذا يكون الحساب مسلكاً من مسالك ثبوت مناطات الأحكام في بعض أفرادها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015