قال القرافي: " الله تعالى نصب زوالَ الشمس سببَ وجوب الظهر، وكذلك بقيَّة الأوقات، لقوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 76] أي: لأجله، وكذلك قوله تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18)} [الروم: 17 - 18] قال المفسرون: هذا خبرٌ معناه الأمر بالصلوات الخمس في هذه الأوقات، حين تمسون: المغرب والعشاء، وحين تصبحون: الصبح، وعشيَّاً: العصر، وحين تُظْهِرُون: الظهر، والصلاة تُسمَّى سبحة، ومنه سبحة الضحى، أي صلاتها، فالآية أمرٌ بإيقاع هذه الصلوات في هذه الأوقات، وغير ذلك من الكتاب والسُّنَّة الدَّال على أن نفس الوقت سبب، فمن علم السبب بأي طريقٍ كان لزمه حكمُه، فلذلك اعْتُبِرَ الحسابُ المفيدُ للقطع في أوقات الصلاة .. " (?).

وهذا مبنيٌّ على أنَّ الله أودع في هذا الكون سُنَنَاً وقوانينَ ثابتةً لا تتغيَّر ولا تتبدَّل بإذن الله تعالى، ومن ذلك حركة الشمس والقمر والأفلاك.

قال القرافي: " الله تعالى أجرى عادته بأن حركات الأفلاك، وانتقالات الكواكب السبعة السيَّارة على نظامٍ واحدٍ طول الدهر بتقدير العزيز العليم، قال الله تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39)} [يس: 39] وقال تعالى: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (5)} [الرحمن: 5] أي: هما ذوا حساب، فلا ينخرم ذلك أبداً، وكذلك الفصول الأربعة لا ينخرم حسابها، والعوائد إذا استمرت أفادت القطع، كما أنَّا إذا رأينا شيخاً نجزم بأنه لم يولد كذلك بل طفلاً؛ لأجل عادة الله تعالى بذلك، وإلا فالعقل يُجِّوز ولادته كذلك، والقطع الحاصل فيه إنَّما هو لأجل العادة، وإذا حصل القطع بالحساب ينبغي أن يُعْتَمد عليه كأوقات الصلاة ... " (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015