فالآية صريحةٌ في الأمر بكتابة الدَّيْن باعتبار أنها المستند الذي يُثبِت بها صاحبُ الحقِّ حقَّه، ويتحقَّق بها - حينئذٍ - مناط الحُكْم في المتنازع فيه ما لم يَثبُت تزويرها أو يعارضها ما هو أرجح منها.
وعلى القاضي أن يتوثَّق من صحة المستندات الخطِّيَّة والتوقيعات التي عليها، وكلّما سلمت تلك المستندات من شبهة التزوير كانت أقوى في الإثبات.
ومثال ذلك: أن يعتدي شخصٌ على أرضٍ لآخر ويضع يدَه عليها، فيتقدَّم صاحبُ الأرض بدعوى يثبت فيها ملكيته لتلك الأرض بصكٍّ صادرٍ عن المحكمة، فيحكم القاضي بثبوت ملكيته لتلك للأرض، واعتداء الشخص الآخر عليها؛ لأنَّ الصكَّ - وهو مستندٌ خطِّي - يُعْتَبر من مسالك ثبوت مناطات الأحكام في الوقائع والجزئيات، فيثبت به مناط ملكية - ذلك العقار لصاحبه.
خامساً: القرائن.
وهي في اللغة: جمع قرينة، وهي الأمر الدال على الشيء بمجرَّد المصاحبة (?).
وفي اصطلاح الفقهاء: تُطْلَقُ القرينة على الأمارة، وهي: ما يلزم من العلم به الظنُّ بوجود المدلول، كالغيم بالنسبة إلى المطر، فإنه يلزم من العلم به الظنُّ بوجود المطر (?).
والمراد بـ " القرائن " في طرق الإثبات القضائية: الأمارات التي يستدل بها القاضي على إثبات شيءٍ أو نفيه (?).
كما إذا رأى قتيلاً يتشحَّط في دمه، وآخرَ قائماً على رأسه بالسكين، وقد ثبتت بينهما عداوة، فإنَّ هذه أمارةٌ يُسْتَدَلُّ بها على إثبات القتل ووجوب