هذه الحالة تُعْتَبَرُ من مسالك ثبوت مناطات الأحكام في الوقائع والجزئيات، فيثبت بها مناط ذلك الحُكْم في تلك الواقعة.

رابعاً: المستندات الخَطِّيَّة.

وهي: الوثائق المكتوبة التي يعتمد عليها القاضي في إثبات حقٍّ أو نفيه (?).

وتشمل: الوثائق الصادرة عن الجهات الرسمية كالصكوك وشهادات الميلاد والوفاة والنِّكاح والطلاق، والوثائق العُرْفِية التي وقَّع عليها الملتزم أو ختم عليها أو بصم بإصبعه ولم يثبت تزويرها، والأوراق التِّجارية والسندات المالية إذا ثبت الإقرار بها أو التوقيع عليها مع انتفاء شبهة التزوير (?).

وتُعْتَبَرُ هذه المستندات من أهمِّ طرق الإثبات في عصرنا الحاضر؛ لاتساع الاعتماد عليها والعمل بها في شتى مجالات الحياة (?).

فإذا قدَّم المُدَّعِي للقاضي مستنداً خطِّيَّاً صحيحاً يثبت حقَّاً له على الغير، أو واقعةً تترتَّب عليها آثارٌ شرعيَّة، فقد تحقَّق مناط الحُكْم فيما تضمنه ذلك المستند ما لم يثبت تزويره أو يعارضه ما هو أرجح منه كالشهادة والإقرار، والأصل في ذلك: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ} [البقرة: 282].

قال ابن العربي: " يريد: يكون صكَّاً ليُسْتَذْكَرَ به عند أَجَلِه لما يتوقع من الغفلة في المُدَّة التي بين المعاملة وبين حلول الأجل، والنسيان موكلٌّ بالإنسان، والشيطان ربَّما حمل على الإنكار، والعوارض من موتٍ وغيره تطرأ فشُرِعَ الكتاب والإشهاد .. " (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015