يعلمون ذلك كان المرجع إليهم في ذلك، دون من لم يشاركهم في ذلك، وإن كان أعلم بالدِّين منهم .. ، ثم يترتَّب الحُكْم الشرعي على ما تَعْلَمُه أهلُ الخبرة .. " (?).
وقال ابن القيم: " وقول القائل: هذا غررٌ، ومجهولٌ، فهذا ليس حظُّ الفقيه ولا هو من شأنه، وإنما هذا من شأن أهل الخبرة بذلك، فإن عَدُّوه قِماراً أو غرراً فهم أعلم بذلك، وإنَّما حظُّ الفقيه: يَحِلُّ كذا؛ لأن الله أباحه، ويحرم كذا؛ لأن الله حرَّمه، وقال الله، وقال رسوله، وقال الصحابة، وأما أن يرى هذا خطراً وقِماراً، أو غرراً، فليس من شأنه، بل أربابه أخبر بهذا منه، والمرجع إليهم فيه، كما يُرْجَعُ إليهم في كون هذا الوصف عيباً أم لا، وكون هذا البيع مُرْبِحَاً أم لا، وكون هذه السلعة نافقةً في وقت كذا وبلد كذا، ونحو ذلك من الأوصاف الحِسِّية والأمور العرضية، فالفقهاء بالنسبة إليهم فيها مثلهم بالنسبة إلى ما في الأحكام الشرعيَّة " (?).
واعتداد الفقهاء بقول أهل الخبرة في تحقيق مناط حُكْمٍ ما فيما انفرد أهل الخبرة بالعلم به يُعْتَبر من صور التقليد الذي يُرخَّص للمجتهد فيه استثناءاً؛ لعدم قدرة المجتهد على الإحاطة بكلِّ العلوم والمعارف، وقد جرى بذلك عمل الفقهاء والقضاة في كلِّ زمانٍ ومكانٍ بلا نكير (?).
قال الشاطبي: " العلماء لم يزالوا يقلِّدون في هذه الأمور من ليس من الفقهاء، وإنما اعتبروا أهل المعرفة بما قلَّدوا فيه خاصة، وهو التقليد في تحقيق المناط " (?).
ومن ذلك: تقليد الصانع في عيوب الصناعات، والطبيب في العلم بالأدواء والعيوب، وعرفاء الأسواق في معرفة قِيَم السلع ومداخل العيوب