قال ابن كثير: " أي: إنما أبحنا لك تزويجها، وفعلنا ذلك لئلا يبقى حرجٌ على المؤمنين في تزويج مُطَلَّقَات الأدعياء، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قبل النبوة قد تبنَّى زيدَ بن حارثة رضي الله عنه، فكان يقال: زيد بن محمد، فلما قطع الله تعالى هذه النسبة بقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ} [الأحزاب: 4] ثم زاد ذلك بياناً وتأكيداً بوقوع تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش رضي الله عنها لما طلقها زيد بن حارثة رضي الله عنه، ولهذا قال في آية التحريم: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} [النساء: 23] ليحترَّز من الابن الدَّعِي، فإنَّ ذلك كان كثيراً فيهم " (?).
فإذا دلَّ القرآن الكريم على ثبوت مناط الحُكْم في صورةٍ بعينها فهو حُجَّةٌ معتبرةٌ، ويُعَدُّ مسلكاً من مسالك تحقيق المناط.
وهو: أن يدلَّ قول النبي صلى الله عليه وسلم أو فعله أو تقريره على ثبوت مناط الحُكْم في بعض أفراده.
ومثاله: تحريم التفاضل في بيع النقدين في قوله صلى الله عليه وسلم: " لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا سواءً بسواء، والفضة بالفضة إلا سواءً بسواء " (?).
وقد حقَّق النبي صلى الله عليه وسلم مناط الحُكْم وهو التفاضل في حديث فضالة بن عبيد (?)
رضي الله عنه حيث قال: اشتريت يوم خيبر قلادة باثنى عشر ديناراً فيها ذهبٌ وخرز فَفَصَّلتُها، فوجدت فيها أكثر من اثني عشر ديناراً، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عيه وسلم فقال: لا تباع حتى تُفَصَّل " (?).
فإذا دلَّ قول النبي صلى الله عليه وسلم أو فعله أو تقريره على ثبوت مناط الحُكْم في صورةٍ بعينها فهو حُجَّةٌ معتبرةٌ، ويُعدُّ مسلكاً من مسالك تحقيق المناط.