وهو: أن يتفق المجتهدون من أُمَّة محمدٍ صلى الله عليه وسلم في عصرٍ من الأعصار بعد وفاته على ثبوت مناط الحُكْم في أحد أفراده.
واعتباره مسلكاً من مسالك تحقيق المناط يستلزم الاتفاق على ثلاثة أشياء:
الأول: الاتفاق على حُكْم الأصل.
الثاني: الاتفاق على مناط الحُكْم في الأصل.
الثالث: الاتفاق على ثبوت مناط الحُكْم في الفرع.
ومثاله: اتفاق المجتهدين على تحريم وطء الحائض لقوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] وهو اتفاقٌ منهم على حُكْم الأصل، ثم اتفقوا على أن مناط الحُكْم في ذلك هو: القذر والنجاسة، ثم اتفقوا على أن هذا المناط - وهو القذر والنجاسة - موجودٌ في النِّفاس، وهو اتفاقٌ منهم على ثبوت مناط الحُكْم في ذلك الفرع (?).
وبهذا يكون إجماعهم على ثبوت مناط الحُكْم في بعض أفراده حُجَّةٌ معتبرةٌ، ويُعَدُّ مسلكاً من مسالك تحقيق المناط.
وهو: أن يدلَّ قول الصحابي على ثبوت مناط الحُكْم في بعض أفراده.
ومثاله: قوله: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)} [المائدة: 38].
فالآية نصٌّ صريحٌ في وجوب قطع يد السارق، ومناط الحُكْم هو: