المبحث الأول
المسالك النقلية
وهي: الكتاب، والسُّنَّة، والإجماع، وقول الصحابي.
قال الغزالي: " .. وقد يُعْرَف - أي: ثبوت المناط في الفرع - بالأدلة الشرعيَّة النقلية " (?)، ثم ضَرَبَ على ذلك أمثلةً توضيحية كما سيأتي بيانه (?).
ولمَّا ذكر ابن تيمية أن الرأي كثيراً ما يكون في تحقيق المناط نبَّه إلى أنه كما يُعْرَف ثبوت المناط في مُعَيَّنٍ بالرأي فكذلك قد يُعْرَف بالنصّ (?)، أي: بالأدلة النقلية.
وبيان هذه المسالك على النحو الآتي:
وهو أن يدلَّ القرآنُ الكريم على ثبوت مناط الحُكْم في بعض أفراده.
ومثاله: إباحة القرآن الكريم الزواجَ من غير المحرَّمات اللاتي ذُكِرْنَ في سورة النساء بقوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24] ومن ذلك الزواج من مُطَلَّقَات الأدعياء، وقد حقَّق القرآن الكريم مناط هذا الحُكْم في إباحة زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش (?) رضي الله عنها لمَّا طلقَّها زيدٌ بن حارثة (?) الذي قد تبنَّاه الرسول صلى الله عليه قبل النبوة، وذلك في قوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا} [الأحزاب: 37].