يطول تعدادها. . ." (?).
والسبب في ذلك يعود إلى أن مسالك تحقيق المناط تُعْتَبَر من أدلة وقوع الأحكام، والأدلة الدَّالة على وقوع الأحكام غير منحصرة، وقد أوضح القرافي الفرق بين أدلة مشروعية الأحكام وأدلة وقوع الأحكام فقال: " أدلة مشروعية الأحكام محصورةٌ شرعاً تتوقف على الشارع، وأدلة وقوع الأحكام هي الأدلة الدَّالة على وقوع أسبابها وحصول شروطها وانتفاء موانعها، فأدلة مشروعيتها: الكتاب، والسُّنة، والقياس، والإجماع، . . . ونحو ذلك مما قُرِّر في أصول الفقه، وهي نحو العشرين، يتوقف كلُّ واحدٍ منها على مُدْرَكٍ شرعيٍّ يدلُّ على أن ذلك الدليل نَصَبَهُ صاحب الشرع لاستنباط الأحكام، وأما أدلة وقوعها فهي غير منحصرة، فالزوال - مثلاً - دليل مشروعيته سبباً لوجوب الظهر عند قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78]، ودليل وقوع الزوال وحصوله في العالَم الآلاتُ الدَّالة عليه وغيرُ الآلات كالأَسْطُرْلاب (?) ..
وغير ذلك من الموضوعات والمُخْتَرَعَات التي لانهاية لها، وكذلك جميع الأسباب والشروط والموانع لا تتوقف على نَصْبٍ من جهة الشرع، بل المتوقف سببية السبب وشروطية الشرط ومانعية المانع، أمَّا وقوع هذه الأمور فلا يتوقف على نَصْبٍ من جهة صاحب الشرع، ولا تنحصر تلك الأدلة في عدد، ولا يمكن القضاء عليها بالتناهي" (?).
وإذا تقرَّر أنَّ مسالك تحقيق المناط غير منحصرةٍ فيمكن القول بأن الضابط في ذلك: أنَّ كلَّ ما يدلُّ -غالباً- على ثبوت مناط الحُكْم في بعض أفراده يصح اعتباره مسلكاً من مسالك تحقيق المناط؛ لأن إيقاع الأحكام على الأعيان لا يلزم أن يُعْلَم بالأدلة الشرعيَّة النقلية، بل يُعْلَم بكلِّ ما يدل على وقوعها، ولا معارض له أرجح منه.
قال ابن تيمية: " الشارع بيَّن الأحكام الكليَّة، وأمَّا الأحكام المُعَيَّنات التي