1 - قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة: 219].
فالآية تبيِّن أن المضارَّ والمفاسد الناتجة عن اقتراف الخمر والميسر من ذهاب العقل والمال وإثارة العداوة والبغضاء والصَّدِّ عن ذكر الله وعن الصلاة وما يترتب على ذلك من الإثم أخطر من تحقيق بعض المنافع منهما، كتحقيق اللذة والربح العاجلين؛ لأن هذه المنافع لا توازي المضارَّ والمفاسد المترتبة على ذلك (?).
قال ابن كثير (?): " ولكن هذه المصالح لا توازي مضرَّته ومفسدته الراجحة؛ لتعلُّقها بالعقل والدِّين، ولهذا قال تعالى: {وإثمهما أكبر من نفعهما} " (?).
2 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام أعرابيٌّ فبال في المسجد، فتناوله الناس، فقال لهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم: " دعوه، وهريقوا على بوله سَجْلاً من ماء، أو ذنوباً من ماء؛ فإنما بعثتم ميسِّرين ولم تبعثوا معسِّرين " (?).
فالنبيُّ صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة بالكفِّ عنه رغم حصول المفسدة منه، وهي تنجيس بعض المسجد بالبول؛ وذلك لأن تلك المفسدةَ مرجوحةٌ في مقابل مفسدةٍ أعظم منها فيما لو قُطِعَ عليه بوله، وهي إيقاع الضرر به في صحته، وانتشار البول على ثيابه وبدنه ومواضع كثيرةٍ من المسجد، مع ما في ذلك من تنفيره عن ما جاء به الإسلام من الأحكام والآداب المرعية.
قال النووي: " وفيه دفع أعظم الضررين باحتمال أخفِّهما؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: " دعوه "، قال العلماء: كان قوله صلى الله عليه وسلم: " دعوه " لمصلحتين، إحداهما: أنه لو قطع عليه بوله تضرر، وأصل التنجيس قد حصل، فكان احتمال زيادته أولى من إيقاع الضرر به، والثانية: أن التنجيس قد حصل في جزءٍ يسيرٍ من المسجد، فلو أقاموه