في أثناء بوله لتنجَّست ثيابه وبدنه ومواضع كثيرة من المسجد " (?).
3 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن الجَدْرِ: أمِنَ البيت هو؟ قال: نعم، قلت: فلِمَ لمْ يدخلوه في البيت؟ قال: إنَّ قومك قصرت بهم النفقة، قلت: فما شأنهُ بابه مرتفعاً، قال: فعل ذلك قومك ليُدْخِلوا من شاءوا ويمنعوا من شاؤوا، ولولا أن قومك حديثٌ عهدُهم في الجاهلية فأخاف أن تنكر قلوبُهم لنظرتُ أن أُدْخِلَ الجَدْرَ في البيت وأن أُلْزِق بابه الأرض" (?).
قال النووي (?):
" في هذا الحديث دليلٌ لقواعد من الأحكام منها: إذا تعارضت المصالح أو تعارضت مصلحةٌ ومفسدةٌ وتعذَّر الجمع بين فعل المصلحة وترك المفسدة بُدِئَ بالأهمّ؛ لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أخبر أن نقض الكعبة وردَّها إلى ما كانت عليه من قواعد إبراهيم عليه السلام مصلحة، ولكن تعارضه مفسدةٌ أعظم منه، وهي خوف فتنة بعض من أسلم قريباً؛ وذلك لِما كانوا يعتقدونه مَنْ فضل الكعبة فيرون تغييرها عظيماً فتركها صلى الله عليه وسلم " (?).
4 - إن تقديم أرجح المصالح ودرء أعظم المفاسد من الأمور الجِبِليَّة التي طبع الله عليها نفوس الخلق، فلا يخفى على عقل عاقلٍ أنَّ تقديم أرجح المصالح فأرجحها محمودٌ حسَن، وأن درء أفسد المفاسد فأفسدها محمودٌ حسَن، وأن تقديم المصالح الراجحة على المفاسد المرجوحة محمودٌ حسَن (?).
فالأطباء يدفعون أعظم المرضين بالتزام بقاء أدناهما، ويجلبون أعلى السلامتين والصحتين بفوات أدناهما (?).
ولو خُيِّر الصبيُّ بين اللذيذ والألذِّ لاختار الألذ، ولو خُيِّر بين الحسَن والأحسَن لاختار الأحسَن، ولا يقدِّم الصالحَ على الأصلح إلا الجاهلُ بفضل