بالأرض" (?)، وفي رواية: "لَنَقَضْتُ البيت ثم بنيتُه على أساس إبراهيم عليه السلام" (?).
فالنبيُّ صلى الله عليه وسلم ترك ذلك الفعل لما قد يؤول إليه الأمر من حصول مفسدةٍ راجحةٍ، وهي أن تنكر العرب عليه ذلك ظنَّاً منهم أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم يقصد هدم البيت وتغيير معالمه (?).
فهذه الأدلة وغيرها تثبت أن المآلات مُعْتَبرةٌ في الحُكْم على تصرفات المكلَّفين، وذلك بالنظر إلى ما يؤول إليه ذلك الفعل من مصلحةٍ راجحةٍ أو مفسدةٍ راجحة.
بل إن الشاطبي حكى عن أبي بكر ابن العربي (?) اتفاق العلماء على اعتبار هذا الأصل في الاجتهاد (?).
والمآل المُعْتَبر عند تحقيق مناط الحُكْم في بعض أفراده هو ما كان يقينياً أو غلب على ظنِّ المجتهد حصوله بحسب العادات والتجارب والقرائن التي تفيد الظنون المُعْتَبرة كما سيأتي في مسالك تحقيق المناط (?).
فإذا تبيَّن للمجتهد يقيناً أو غلب على ظنِّه أنَّ فعلاً بعينه من أفعال المكلَّف يؤدي إلى مفسدةٍ راجحةٍ لزم المجتهد أن يَعْتَبر ذلك عند تحقيق مناط الحُكْم في ذلك الفعل.
وذلك لأن تصرُّفات المكلَّفين بالنظر إلى ما تؤول إليه من المفاسد لا تخلو من ثلاثة أقسام (?):
القسم الأول: تصرُّفٌ يفضي يقيناً إلى مفسدةٍ راجحة، كحفر البئر خلف باب الدار في الظلام بحيث يقع الداخل فيه لا محالة، وشبه ذلك، فهذا تصرُّفٌ غير مشروعٍ اتفاقاً.