اُعتبِرت فهو المطلوب، وإن لم تُعْتَبر أمكن أن يكون للأعمال مآلاتٌ مضادَّةٌ لمقصود تلك الأعمال، وذلك غير صحيح؛ لأن التكاليف مشروعةٌ لمصالح العباد، ولا مصلحةَ تُعْتَبر مطلقاً مع إمكان وقوع مفسدةٍ راجحة (?).

ثالثاً: باستقراء أدلة الشرع ثبت أن المآلات مُعتبَرةٌ في أصل المشروعية، ومن ذلك:

1 - قوله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 108].

فسبُّ الأوثان سببٌ في تخذيل المشركين، وتوهين أمر الشِرْك، وإذلال أهله، ولكن لمَّا وجِد له مآلٌ آخر تُعْتَبر مراعاته أرجح - وهو سبُّهم اللهَ تعالى - نُهِىَ عن هذا العمل المؤدِّي إليه مع كونه سبباً في مصلحةٍ ومأذوناً فيه لولا هذا المآل (?).

2 - لمَّا أشير على النبي صلى الله عليه وسلم بقتل المنافقين قال عليه الصلاة والسلام: " أخاف أن يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه " (?).

فموجِب القتل حاصل، وهو الكفر بعد النطق بالشهادتين، والسعي في إفساد حال المسلمين كافّة بما كان يصنعه المنافقون، بل كانوا أضرَّ على الإسلام من المشركين، فقتلهم فيه درءٌ لمفسدةٍ متحقِّقِة، ولكن وُجِدَ له مآلٌ آخر تُعْتَبر مراعاته أرجح، وهو التهمة التي تبعد الطمأنينة عمن أراد الدخول في الإسلام، وهي أشدُّ ضرراً على الإسلام من بقائهم (?).

3 - قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: " لولا أن قومك حديثٌ عهدُهم بالجاهلية، فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أُدْخِل الجدر في البيت، وأن أُلْصِق بابه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015