وإنَّ عدم اعتبار نتائج الأفعال وعواقبها وآثارها المترتبة عليها قد يفضي إلى نقيض مقصود الشرع من وضع الأحكام؛ لأن " الأعمال الشرعيَّة ليست مقصودةً لأنفسها، وإنما قُصِد بها أمورٌ أُخَر هي معانيها، وهي المصالح التي شُرِعت لأجلها، فالذي عُمِل من ذلك على غير هذا الوضع فليس على وضع المشروعات " (?).
والمراد بهذا الضابط: أن ينظر المجتهد إلى مآل الحُكْم عند تحقيق مناطه في بعض أفراده، فإن كان المآل غالباً يؤدي إلى مصلحةٍ راجحةٍ أَثْبَتَ الحُكْم، وإن كان يؤدي غالباً إلى مفسدةٍ راجحةٍ مَنَعَ الحُكْم.
وذلك لأن الفعل قد يكون مشروعاً لمصلحةٍ فيه تُسْتَجْلَب أو لمفسدةٍ تُدْرأ، ولكن له مآلٌ على خلاف ذلك، فإذا أُطلق القول في الأول بالمشروعية فربَّما أدى استجلاب المصلحة فيه إلى مفسدةٍ راجحة، فيكون هذا مانعاً من إطلاق القول بالمشروعية، وكذلك إذا أطلق القول في الثاني بعدم المشروعية فربَّما أدَّى استدفاع المفسدة إلى مفسدةٍ راجحةٍ، فلا يصح إطلاق القول بعدم المشروعية (?).
والأدلة على صحة اعتبار مآلات الأفعال في الاجتهاد كثيرةٌ، منها:
أوّلاً: إن التكاليف مشروعةٌ لمصالح العباد، ومصالح العباد إما دنيويةٌ أو أخروية، أما الأخروية فراجعةٌ إلى مآل المكلَّف في الآخرة ليكون من أهل النعيم لا من أهل الجحيم، وأما الدنيوية فإن الأعمال مقدِّماتٌ لنتائج المصالح، فإنها أسبابٌ لمسبَّباتٍ هي مقصودةٌ للشارع، والمُسَبَّبَات هي مآلات الأسباب، فاعتبارها في جريان الأسباب مطلوب، وهو معنى النظر في المآلات (?).
ثانياً: إن مآلات الأعمال إما أن تكون مُعتَبرةٌ شرعاً أو غير مُعتَبرة، فإن