المبحث الثالث
اعتبار مآلات الأفعال والأقوال الصادرة عن المكلَّفين
باستقراء مصادر الشريعة ومواردها ثبت أن الأحكام التكليفية إنما وُضِعَت لتحقيق مصالح العباد وتكميلها ودرء المفاسد وتقليلها (?).
قال ابن تيمية: " إن الشريعة مبناها على تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها " (?).
وعلى هذا فإن الاجتهاد في إثبات مُتَعَلَّق حُكْمٍ شرعيٍّ في بعض أفراده يستلزم اعتبار مقصود الشرع من وضع الأحكام والتكليف بها (?).
ومن أهم الأصول التي يلزم المجتهد مراعاتها للمحافظة على مقصود الشرع: اعتبار مآلات الأفعال والأقوال الصادرة عن المكلَّفين.
بل من خصائص المجتهد الرَّباني الراسخ في العلم: " أنه ناظرٌ في المآلات قبل الجواب عن السؤالات " (?).
قال الشاطبي: " النظر في مآلات الأفعال مُعْتَبرٌ مقصودٌ شرعاً، كانت الأفعال موافقةً أو مخالفة، وذلك أن المجتهد لا يحكم على فعلٍ من الأفعال الصادرة عن المكلَّفين بالإقدام أو الإحجام إلا بعد نظره إلى ما يؤول إليه ذلك الفعل" (?).