ومن الأمثلة على ذلك: تنقيح المناط بحذف الأوصاف الطردية المذكورة في قصة الأعرابي الذي واقع أهله في نهار رمضان (?) بناءً على استقراء أحكام الشرع وموارده ومصادره في إلغاء تلك الأوصاف، وعدم اعتبارها مؤثِّرةً في تلك الأحكام.
فوصف " الأعرابية " وصفٌ ملغيٌّ فيُلْحَق به غير الأعرابي؛ لأنه باستقراء أحكام الشرع وجد أنها لاتختصُّ بقومٍ دون آخرين.
و" كون الموطوءة زوجة " وصفٌ ملغيٌّ - أيضاً - فيُلْحَق به المملوكة والمزني بها؛ لأنه باستقراء أحكام الشرع لا فرق بين كون الجماع في محلٍّ هو حلالٌ بملك النكاح أو اليمين أو هو حرامٌ كالأجنبية، وذلك باعتبار أن كلاً منهما جنايةٌ على الصوم.
و" كون الوطء في عين ذلك الشهر " وصفٌ ملغيٌّ - أيضاً- فيُلْحَق به من وطئ في رمضان آخر، لأن أحكام الشرع إذا أُطْلِقَتْ لا تختصُّ بزمانٍ دون آخر.
فهذه الأوصاف المذكورة في النصِّ إنما حُذِفَت لكونها أوصافاً طردية، عُلِمُ من عادة الشرع باستقراء أحكامه إلغاؤها، وعدم إناطة الأحكام بها.
قال الغزالي: " هذه إلحاقاتٌ معلومةٌ تُبْتَنَى على تنقيح مناط الحُكْم بحذف ما عُلِم بعادة الشرع في موارده ومصادره في أحكامه أنه لا مدخل له في التأثير " (?).
وقال - أيضاً-: " فهذه وجوهٌ من القيود والخصوص اتفقت في الواقعة التي فيها الحُكْم، وبعضها محذوفٌ لا مدخل له في الاقتضاء، وبعضها معتَبر، وبعضها مختلَفٌ فيه، والتدوار في الإلغاء والإبقاء على تأثيراتٍ معقولةٍ من مورد الشرع." (?).