ويقصد بذلك: طرد المحذوف بالنسبة إلى بعض الأحكام دون غيرها، كالذُّكورة والأنوثة في العتق، فإنهما لم يعتبرا فيه، فلا يُعْلَّل بهما شيءٌ من أحكام العتق، وإن اعتبرا في الشهادة والقضاء والإرث وولاية النكاح.
وإثبات أن الوصف المحذوف مما عُلِمَ من عادة الشرع إلغاؤه وعدم إناطة الحُكْم به إنما يكون باستقراء أحكام الشرع وموارده ومصادره، إما مطلقاً، وإما في جنس ذلك الحُكْم.
قال الغزالي: " وإنما يُعْرَفُ أنه لا مدخل له في التأثير باستقراء أحكام الشرع وموارده ومصادره .. " (?).
وقال صفي الدين الهندي: " تُعْلَمُ العِلَّة لنفي ما عداها عن درجة الاعتبار باستقراء أحكام الشرع .. " (?).
وقال حُلولو المالكي (?): "ويُعْرَفُ كون الوصف طردياً- أي: لامدخل له في التعليل- باستقراء موارد الشرع ومصادره إما مطلقاً، وإما في ذلك الباب المُتَكَلَّم فيه" (?).
فإذا استقرأ المجتهد أحكام الشرع وموارده ومصادره وحصل له من ذلك العلم أو غلب على ظنه بأن الشارع اعتبر أوصافاً وألغى أخرى وجب حينئذٍ على المجتهد أن يتصرَّف بتصرَّف الشريعة في جنس تلك الأحكام، فيُسقِط ما أسقطه الشارع من الأوصاف عن درجة الاعتبار، ويُبقِي الحُكْم منوطاً بالباقي من الأوصاف المؤثِّرة.
قال الغزالي: " النظر في تنقيح المناط: بإلغاء بعض القيود والاختصاصات أو اعتبارها، والتدوار فيها على أمورٍ عُقِل من الشرع تأثيرها في الأحكام " (?).