ومن الأمثلة على ذلك أيضاً -ولكن مما يختصُّ ببابٍ من الأحكام دون الأبواب الأخرى-: تنقيح المناط بحذف الوصف الطردي المذكور في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: " من أعتق شِرْكاً له في عَبْدٍ وكان له مالٌ يبلغ ثمن العبد قوِّم عليه قيمة عدل " (?).

فوصف الذُّكورة في قوله: " عبد " وصفٌ ملغيٌّ، حيث ثبت باستقراء موارد الشرع ومصادره في أحكام العتق خاصةً التسَوية بين الذكر والأنثى، وعدم اعتبار الذكورة والأنوثة من الأوصاف المؤثِّرة في ذلك، وإن كان لهما تأثيرٌ في بعض الأحكام الأخرى كولاية النكاح والقضاء والشهادة (?).

قال الغزالي: "الشارع إذا ذكر في باب العتق أحكاماً كثيرة. . . وهو في جميع ذلك يُجْري الذُّكور مجرى الأنثى ولا يلتفت إلى الاختلاف فيه أصلاً، فعدم تعرُّضه لهذا الاختلاف مرَّةً بعد أخرى على سبيل العَوْدِ والتكرار يفهمنا أن مدخل الذكورة فيه كمدخل السواد والبياض والطول والقِصَر والتركي والهندي، فبه نتجاسر على قولنا: الأَمَة في معنى العبد. . ." (?).

وقال الآمدي: " .. فإنه وإن أمكن تقرير مناسبةٍ بين صفة الذكورة وسراية العتق غير أنا لما عهدنا من الشارع التسوية بين الذَّكر والأنثى في أحكام العتق ألغينا صفة الذُّكورة في السراية بخلاف ما عداه من الأحكام" (?).

وقال الطُّوفي: "لا تأثير للذُّكورة والأنوثة في هذا الحُكْم ونحوه في عُرْف الشرع وتصرُّفه، إذ هما وصفان طرديان كالسواد والبياض والطول والقِصَر والحُسْن والقبح، وإن كان للذُّكورية والأنوثية تأثيرٌ في الفرق في بعض الأحكام كولاية النكاح والقضاء والشهادة" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015