وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} 1، ولقد شهد له غيره بالزهد في الدنيا، لأن خير الزهد المشروع أن يترك الإنسان ما هو قادر على تحصيله من متاع الدنيا انشغالا بما هو خير في الآخرة ورغبة فيما عند الله عز وجل.
قال مالك بن دينار: "الناس يقولون: مالك بن دينار زاهد، إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز الذي أتته الدنيا فتركها"2.
ولقد وصف أحد الذين كتبوا عن عمر في العصر الحديث حاله تلك فقال: "إن عمر بن عبد العزيز قد عفّ عن مال المسلمين مع قدرته على استغلاله وإنفاقه كما يشاء، ولم يكن هناك من يستطيع أن يقول له: لم فعلت ذلك؟ وقد منع نفسه عن التمتع بلذائذ الحياة من عيشة هنية رضية، ومتاع دنيوي، وشهوات مباحة، أو غير مباحة لو أرادها لسعت إليه دون أن يسعى لها، ولأكل أطيب الطعام، ولشرب أفضل الشراب، وللبس ألين وأثمن الثياب، ولركب أفره الدواب، ولتزوج وتسرى أجمل وأحلى، وأشرف النساء والجواري، وكل ذلك تحت يديه ورهن إشارته لو أراد3، وقد كان قبل خلافته يأخذ حظه من متاع الدنيا المباح، ولكن لما تولى