ويعتبر اللحن شنيع خاصة في طبقة المتعلمين، يقول شعبة: "مثل الذي يتعلم الحديث، ولا يتعلم النحو، مثل البرنس لا رأس له". وقال المأمون لأحد أولاده وقد سمع منه لحناً: "ما على أحدكم أن يتعلم العربية فيقيم أودَه، ويزين بها مشهده، ويَفَلَّ بها حجج خصمه بمسكتات حُكمه، ويملك مجلس سلطانه بظاهر بيانه، أو يَسُرُّ أحدكم أن يكون لسانه كلسان عبده، أو أمته، فلا يزال الدَّهرَ أسير كلمته"1.
وفي عصرنا ازداد الجهل بقواعد اللغة وبأدائها وعلومها وفنونها، وربما أخذت اللغات الأجنبية عناية تربوية تفوق العناية بالعربية، وهي شكوى قديمة الأثر، يقول الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ: "ما جهل الناس ولا اختلفوا إلا لتركهم لسان العرب، وميلهم إلى لسان أرسطاطا ليس "2.
واللغة العربية لها قيمة ومنزلة تربوية عظيمة، انبثقت من مكانتها العظيمة التي اختصت بها وتميزت، ومن تلك الخصائص التي انفردت بها عن لغات الدنيا قاطبة ما يلي:
1- أنها لغة القرآن الكريم التي وسعت كتاب الله لفظاً وغاية. قال تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} 3.
وكثير من قضايا الحياة تتوقف على فهم النصوص الشرعية فهماً صحيحاً دقيقاً؛ ولذلك عني علماء الشريعة بكثير من مسائل الألفاظ ودلالاتها، وبحثوا في العام والخاص والحقيقة والمجاز، والمشترك والمترادف، مع أنها من مسائل علم اللغة؛ لأن استنباط الأحكام من النصوص منوط في كثير من الأحيان بتحديد فهم المسائل اللغوية وتمحيصها وتحليلها 4.