متفرقة، ويجمع بها وعليها كلمة الحق والخير.
ومن خلال اللغة يُسَطَّرُ ويُدَوَّنُ بها ما يُراد، ويكتب بحروفها الآثار، والمحامد والمحاسن، وتسجل بها العلوم والتاريخ، وتُنقل بها المعارف والفضائل، وبها تتغذى القلوب والأبصار، بما تحمله من معاني وأفكار وأفهام، وقد قيل في اللغة: (عنان كل صياغة، وزمام كل عبارة، وقسطاس يعرف به الفضل والرجحان، وميزان تعرف به الزيادة والنقصان، به يعرف ربوبية الرب، وحجة الرسل) 1.
وقد اهتم سلف الأمة باللغة العربية وعلومها في أنفسهم أولاً، وبتربية أبنائهم عليها ثانياً، فقد كتب عمر إلى أبي موسى رضي الله عنهما: أما بعد، فتفقهوا في السنة، وتعلموا العربية، وروى عنه أنه قال: رحم الله امرءاً أصلح من لسانه 2. وقد قيل في شأنها:
رأيت لسان المرء رائد عقله ... وعنوانه فانظر بماذا تُعَنْوِنُ
ولا تعدُ إصلاح اللسان فإنه ... يخبِّرُ عما عنده ويُبَيِّنُ
ويعجبني زِيُّ الفتى وجماله ... فيسقط من عيني ساعة يَلْحَنُ 3
وكان اللحن مثلبة من مثالب الفتى، لا يرتقي في أعين ذوي الألباب والأفهام حتى يحسن من لسانه، قال ابن الأنباري: " وكيف يكون الخطأ في الكلام مستحسناً والصواب مستسجماً، والعرب تقرب المعربين، وتنتقص اللاحنين، وتبعدهم، فعمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول لقوم استقبح رميهم: ما أسوء رميكم، فيقولون: نحن قوم متعلمين، فيقول: لحنكم أشد عليَّ من فساد رميكم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "رحم الله امرأ أصلح من لسانه" 4.