فَصْلٌ
وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ مُنَاسَبَةُ أَسْمَاءِ السُّوَرِ لِمَقَاصِدِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي النَّوْعِ السَّابِعَ عَشَرَ الْإِشَارَةُ إِلَى ذَلِكَ وَفِي عَجَائِبِ الْكِرْمَانِيِّ إِنَّمَا سُمِّيَتِ السُّوَرُ السَّبْعُ حم عَلَى الِاشْتِرَاكِ فِي الِاسْمِ لِمَا بَيْنَهُنَّ مِنَ التَّشَاكُلِ الَّذِي اخْتُصَّتْ بِهِ وَهُوَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا اسْتَفْتَحَتْ بِالْكِتَابِ أَوْ صِفَةِ الْكِتَابِ مَعَ تَقَارُبِ الْمَقَادِيرِ فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ وَتُشَاكُلِ الْكَلَامِ فِي النِّظَامِ.
فَوَائِدُ مَنْثُورَةٌ فِي الْمُنَاسَبَاتِ
فِي تَذْكِرَةِ الشَّيْخِ تَاجِ الدِّينِ السبكي ومن خطه نقلت سأل الْإِمَامُ مَا الْحِكْمَةُ فِي افْتِتَاحِ سُورَةِ الْإِسْرَاءِ بِالتَّسْبِيحِ وَالْكَهْفِ بِالتَّحْمِيدِ وَأَجَابَ بِأَنَّ التَّسْبِيحَ حَيْثُ جَاءَ مُقَدَّمٌ عَلَى التَّحْمِيدِ نَحْوَ: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} {سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ}
وَأَجَابَ ابْنُ الزَّمَلْكَانِيِّ: بِأَنَّ "سُورَةَ سُبْحَانَ" لَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَى الْإِسْرَاءِ الَّذِي كَذَّبَ الْمُشْرِكُونَ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَكْذِيبُهُ تَكْذِيبٌ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، أَتَى "بِسُبْحَانَ" لِتَنْزِيهِ اللَّهِ تَعَالَى عَمَّا نُسِبَ إِلَى نَبِيِّهِ مِنَ الْكَذِبِ وَسُورَةُ الْكَهْفِ لَمَّا أُنْزِلَتْ بَعْدَ سُؤَالِ الْمُشْرِكِينَ عَنْ قِصَّةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ وَتَأَخُّرِ الْوَحْيِ نَزَلَتْ مُبَيِّنَةً أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَقْطَعْ نِعْمَتَهُ عَنْ نَبِيِّهِ وَلَا عَنِ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ أَتَمَّ عَلَيْهِمُ النِّعْمَةَ بِإِنْزَالِ الْكِتَابِ فَنَاسَبَ افْتِتَاحَهَا بِالْحَمْدِ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ
فِي تَفْسِيرِ الْخُوَيِّيِّ ابْتُدِئَتِ الْفَاتِحَةُ بِقَوْلِهِ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فَوَصَفَ بِأَنَّهُ مَالِكُ جَمِيعِ الْمَخْلُوقِينَ وَفِي الْأَنْعَامِ وَالْكَهْفِ وَسَبَأٍ وَفَاطِرٍ لَمْ يُوصَفْ بِذَلِكَ بَلْ بِفَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ صِفَاتِهِ وَهُوَ خلق السموات وَالْأَرْضِ وَالظُّلُمَاتِ