يا ابن آدم! لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا؛ لأتيتك بقُرابها مغفرة" 1. وروى ابن ماجه بإسناد جيد عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لوأخطأتم حتى تبلغ خطاياكم السماء، ثم تبتم لتاب عليكم" 2. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: "كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفساً، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدُلَّ على راهب، فأتاه، فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفسًا، فهل له من توبة؟ فقال: لا. فقتله، فكمل به مئة، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض، فدل على رجل عالم، فقال: إنه قتل مئة نفس، فهل له من توبة؟ فقال: نعم، من يحول بينه وبين التوبة؟ انطلق إلى أرض كذا، وكذا، فإن بها أناساًً يعبدون الله، فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك، فإنها أرض سوء. فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة، وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبًا مقبلًا بقلبه إلى الله وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرًا قط، فأتاه ملك في صورة آدمي، فجعلوه بينهم، فقال: قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى؛ فهو له، فقاسوا، فوجوده أدنى إلى الأرض التي أراد، فقبضته ملائكة الرحمة". وفي رواية: "فأوحى الله إلى هذه أن تباعدي، وإلى هذه أن تقربي؛ وقال: قيسوا بينها. فوجدوه إلى هذه أقرب بشبر، فغفر له" 3. وفي رواية قال قتادة قال الحسن: "ذكر لنا أنه لما أتاه ملك الموت نأى بصدره نحوها". رواه البخاري، ومسلم، وابن ماجه بنحوه.
وقوله: "ولو لم أرحم عبادي إلا من خوفهم ... إلخ" أي: أن الله سبحانه يخبرنا: أنه لو لم يرحم عباده إلا من خوفهم من الوقوف بين يديه؛ لشكر ذلك لهم، وجعل ثوابهم ذلك الأمن لما خافوا.