وإظهارها، ويضادُّه الكفر، وهو نسيان النعمة، وسترها، والثواب: المجازاة. يقال: أثابه يثيبه، إثابة، والاسم: الثواب. ويكون في الخير والشر إلا أنه بالخير أخص، وأكثر استعمالًا. والأمن: طمأنينة النفس، وزوال الخوف، وباقي ألفاظ الحديث منها ما تقدم الكلام عليه، ومنها ما هو ظاهر.

والمعنى: أن الله تبارك، وتعالى يخبرنا على لسان نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم: أنه ما غضب علي أحد من عباده غضبه على عبد أتى معصية من المعاصي صغيرة، أو كبيرة، فتعاظمها في جنب عفو الباري تعالى، وقنط من رحمته. فلو كان الله سبحانه معجلًا العقوبة لأحد من الناس، أو كانت العجلة من شأنه عزوجل؛ لعجل العقوبة للقانطين من رحمة الله.

ففيه حث على المبادرة إلى الله تعالى بعد فعل الذنب، واقتراف المعصية، بالإنابة إليه، واعتقاد الرجاء، والعفو، واستبعاد القنوط، واليأس من رحمة الله وعفوه.

وقد جاء القرآن الحكيم ببيان أن باب الله مفتوح للعصاة، والمذنبين، والمقصرين على أنفسهم مهما بلغت ذنوبهم سوى الشر، وحض المذنبين على الإنابة والرجوع إلى الله، وعدم القنوط واليأس من رحمة الله تعالى، فمن ذلك قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:54] وقال تعالى: {قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ، قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ} [الحجر:55-56] وقال تعالى: {إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف:87] وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء:116] .

وقد تقدم أحاديث في هذا الكتاب منها: ما رواه أحمد عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال الله تعالى: "عبدي! ما عبدتني ورجوتني فإني غافر لك على ما كان فيك، ويا عبدي! إن لقيتني بقراب الأرض خطيئة ما لم تشرك بي لقيتك بقرابها مغفرة" 1 وروى الترمذي -وقال: حديث حسن- عن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى: "يا بن آدم! إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك، ولا أبالي. يابن آدم! لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني غفرت لك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015