عمر وأبي هريرة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ -. وهذا التقسيم مبني على ما أسفرت عنه الموازنة بين المجموعتين، وكان من أهم الخواص التي ميزت المجموعة الأولى، أصالة الملكة الفقهية، وكثرة الفتوى، والميل إلى التعليل، ونقد الحديث، على عكس ابن عمر وأبي هريرة في كل ذلك.

ويجب التنبه إلى أن التعليل ونقد الحديث كانا سمة غالبة على اتجاههم، ولكنهما لَمْ يُكَوِّنَا مَنْهَجًا مُلْتَزِمًا مُطَّرِدًا فِي كُلِّ المَسَائِلِ فقد رأينا ابن عباس يميل إلى الظاهر في بعض الأحيان، كما رأينا ابن عمر يتجاوز حدود اللفظ إلى ما رواه من معان ومقاصد للتشريع، وقد أكثرت من الأمثلة لتوضيح الفكرة وتوثيقها.

ثم عدنا إلى أهل الحديث في القرن الثالث نتلمس اتجاهاتهم في الفقه، ونتبين مدى تأثرهم برواة الحديث من الصحابة ونكشف السمات العامة التي تحكمهم عند الاستنباط، فأجملناها في ثلاثة اتجاهات رئيسية تطوي في ثناياها كثيرًا من أصولهم ومناهجهم.

فكان الاتجاه إلى الآثار موضوع الباب الثاني ...

تحدثنا فيه عن معنى الآثار، وعن علاقة السنة بالقرآن، ورأينا أن جمهور المحدثين يتجهون إلى اعتبار السنة قاضية على الكتاب، أما أحمد بن حنبل فقد أبى أن يطلق على السنة ذلك واكتفى بقوله: إنها تبين القرآن وتفسره، وكذلك البخاري الذي اهتم بالقرآن في " صحيحه " اهتمامًا واضحًا.

ثم تحدثنا عن باقي علاقة السنة بالقرآن، سواء من حيث صلاحيتها لنسخه، أو تخصيصها لعمومه، أو من حيث ورودها بحكم زائد عليه، أو من حيث عرض الحديث على القرآن كوسيلة من وسائل نقد متنه. وقد ذكرنا رأي المحدثين في كل ذلك مع الموازنة بينهم وبين المذاهب الأخرى. كما تعرضنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015